أين الرقابة… المشافي الخاصة ترفع تسعيرتها والمواطن يدفع الفارق من جيبه المخروم!
ارتفاع الأسعار طال مختلف الخدمات والسلع، ولكن كلماتنا التالية ستشمل فقط الخدمات التي تقدمها المشافي الخاصة للمواطنين، فالكثير من المواطنين أخذوا يشتكون من ارتفاع أسعار المشافي الخاصة التي أصبحت وفق تعبيرهم (فنادق خمس نجوم)، برغم تدني الخدمات المقدمة فيها، إذ باتت أجرة العمليات الجراحية العادية، مثل الولادة أو ما دونها، تكلف المواطن أكثر من 25 ألف ليرة، وهذا غيض من فيض.
رئيس نقابة عمال الصحة بدمشق وريفها سامي حامد أوضح في تصريحه ل (النور) أن المواطنين لم يعودوا يطيقون أسعار المشافي الخاصة، وخاصة منهم ذوي الدخل المحدود، فقد بات سعر غرفة (العناية المشددة) في بعض مشافي دمشق الخاصة ليوم واحد فقط 50 ألف ليرة سورية، أما عمليات الولادة القيصرية فإن أجرتها أصبحت 25 ألف ليرة، مؤكداً غياب رقابة وزارة الصحة على المشافي الخاصة، التي أخذت تضع أسعاراً كيفية دون محاسب أو رقيب عليها، وذلك بذريعة أن أسعار الدواء والسيرومات ومستلزمات المشافي من كهرباء ومازوت قد ارتفعت، وبالطبع الفرق في الأسعار يتحمله المواطن وحده. أما المشافي فلا تنقص من أرباحها شيئاً.
وأوضح حامد أن نسبة الارتفاع في أسعار وأجور المشافي تراوحت مابين 30-40%، وهذا دليل وفق قوله على الفوضى التي يعيشها القطاع الصحي الخاص بالمشافي الخاصة، وغياب الرقابة.
ورأى رئيس النقابة أنه نتيجة خروج العديد من المشافي الخاصة عن الخدمة في بعض مناطق ريف دمشق مثل مشفى دوما الوطني ومشفى المليحة ومشفى حران العواميد والنشابية ويبرود وداريا وبعض المستوصفات الحكومية في الريف الشرقي لدمشق، زاد الضغط على المشافي الخاصة التي مازالت ضمن الخدمة. وأخذت بعض هذه المشافي ترفع أسعارها جشعاً، وبعضها الآخر بقي على الأسعار القديمة. مشيراً إلى أن المشافي الحكومية أصبح الضغط عليها قليلاً جداً، واقتصرت على سكان دمشق وريفها بسبب صعوبة التنقل بين المحافظات. وقد كانت المشافي العامة تستقبل حالات مرضية من المناطق الشرقية وحلب وبعض المناطق الجنوبية في حين لا تستقبل اليوم سوى عدد قليل جداً من هذه المحافظات. وكانت النسبة الكبرى ممن تستقبلهم من سكان دمشق وريفها.
وعن تأثير الأحداث الاستثنائية على القطاع الصحي، وخاصة ما يتعلق بتوفر الأدوية، قال حامد: (لا يخفى على أحد أن القطاع الصحي تأثر تأثيراً كبيراً، سواء من حيث التجهيزات الطبية والمستلزمات أو من حيث الأدوية وأنواعها وإنتاجها. فقد سُرق الكثير من مستودعات الأدوية في العديد من المشافي والمعامل التي تعمل في دمشق وريفها، كما أن الكادر الطبي تعرض للكثير من الخسائر والإصابات).
وأشار رئيس النقابة إلى أن معامل الأدوية أصبحت تعاني حالياً نقصاً في المواد الأولية لصناعة الأدوية، إضافة إلى صعوبة نقل الأدوية المنتجة بين المحافظات، إذ اقتصر النقل على الطيران فقط، وبالتالي حدث نقص في الأدوية. وأكبر مثال على ذلك أن مركز جراحة القلب أغلق بسبب عدم وجود الأدوية، وكانت سيارة محملة بالأدوية قادمة من حلب إلا أنها سرقت، كما أن عمليات القثطرة (زرع شبكة) تأثرت كثيراً باعتبار هذه الشبكة مستوردة، ونتيجة العقوبات الاقتصادية أصبح من الصعب تأمينها، وكذلك الأدوية الخاصة بالسرطان والضغط. ومن المعروف أن الأدوية لا يمكن تخزينها كثيراً لأنها ذات صلاحية محددة.
وأمل حامد أن تقوم الحكومة بحماية المستودعات الخاصة بالمنشآت الصحية من أي عملية سطو أو سرقة، إضافة إلى حماية معامل الأدوية. كما أمل أن يتم تخفيف الهدر في مشافي القطاع العام، وتأمين المستلزمات والمواد الطبية، وتشديد رقابة وزارة الصحة على المشافي الخاصة، سواء من حيث الخدمات التي تقدمها أو من حيث الأسعار التي تضعها.
وكانت منظمة الصحة العالمية أكدت أن وضع القطاع الصحي في سورية أصبح مقلقاً للغاية، بسبب تعطل الكثير من مصانع الأدوية نتيجة الأحداث الاستثنائية منذ أكثر من عام ونصف العام، مشيرة في تقارير لها إلى أن هناك نقصاً متزايداً في الأدوية والمنتجات الصيدلانية، إضافة إلى انعدام الأمان وعدم توافر المواد الخام وقلة المحروقات والنقل والعقوبات الاقتصادية. فقد أدت كل هذه الأمور إلى بطء في الإنتاج، وتجاوز حجم خسائر القطاع الصحي 7 مليارات ليرة سورية، إذ خرج 25 مشفى و105مراكز صحية و150 سيارة إسعاف من الخدمة.
تعليق: تشديد الرقابة وتأمين المستلزمات.
بعد كل ما سبق نأمل من وزارة الصحة أن تشدد الرقابة على المشافي الخاصة، سواء من حيث أسعارها أو من حيث الخدمات التي تقدمها. كما نوجه نداء إنسانياً للمشافي الخاصة التي رفعت أسعارها بأن تراعي الظروف الصعبة التي تمر على الوطن والمواطن السوري، وأن تعمل قدر الإمكان على خفض تسعيرتها، إذ إن أغلب المواطنين يعانون ضعف الحالة المادية. وبالطبع الذي يأتي إلى المشفى لا يأتي إلا وهو مضطر وليس للتنزه، فنأمل أن تراعي المشافي الخاصة هذا الجانب وأن لا تزيد العناء والأعباء على المواطن، كما نأمل من المشافي الحكومية أن تقلل من الهدر وترفع مستوى الخدمات التي تقدمها باعتبارها الملجأ الوحيد لذوي الدخل المحدود في ظل هذه الظروف، ونؤكد في الوقت نفسه أهمية توفير الأدوية المزمنة لجميع المرضى دون استثناء، وتوفير المستلزمات الطبية الأساسية التي يحدث فيها نقص. فالدواء هو سلعة أساسية ومادة لا يمكن الاستغناء عنها، فيجب وضعها في رأس قائمة المواد الأساسية التي تعمل الحكومة حالياً على تأمينها.