تحسين الأوضاع المعيشية.. كيف؟!

 حين يتحول هدف الحكومة (التاريخي) بحماية المواطنين وتحسين أوضاعهم المعيشية إلى هدف ثابت في جميع البيانات الحكومية منذ بداية الأزمة السورية حتى اليوم، فإن هذا يعني ببساطة شديدة أن هذا الهدف وضع كي لا ينفذ.. أو أن الحكومات غير قادرة على تنفيذه، لكنها تضعه في مقدمة أهدافها للتسويف على الجماهير الشعبية.

حكومتنا الرشيدة تعلن في جميع المناسبات انخفاض إيراداتها وتقلُّص فوائضها وتوقّف مصادر دخلها في عديد المناطق عن العمل بسبب الأعمال الإرهابية، لكنها تعدُ المواطن السوري بتحسين أوضاعه المعيشية والاجتماعية، في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار جميع السلع والخدمات، وتسلّط على جيوب المواطنين سيف  الضرائب والرسوم غير المباشرة، ويسرح ويمرح فيه المضاربون في الأسواق (السوداء)، ويتحكّم المتحكمون في الأسواق (البيضاء).

في زمن السلم كنا نقول إن تحسين الوضع المعيشي يأتي لا من خلال زيادة الأجور فقط، ولا من مكافأة موسمية محدودة، بل من خلال تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.. المتوازنة، هذه التنمية التي وُعدنا بها في بداية الألفية الجديدة، لكن تبين فيما بعد أن الطريق الاقتصادي كان يهدف إلى إعادة هيكلية الاقتصاد الوطني وفق اقتصاد السوق الحر من جميع القيود، رغم خطط التنمية التي وضعت حينذاك.

اليوم، في سورية، وشعبها يقاوم الغزو التكفيري، يبرز الدور المحوري للحكومة في تحسين الوضع المعيشي، فأيّ تنمية لن تتحقق إلا بعد نجاح المساعي الدولية والداخلية لحل الأزمة السورية سلمياً، وعلى الحكومة ألا تضع أهدافاً تفوق قدراتها واقعياً ومادياً، بل أن تتخذ الإجراءات التي تلجم بها المتحكمين بالأسواق، والمضاربين على سعر القطع الأجنبي، لتمكين المواطن السوري من تأمين احتياجاته، لا لتحسين أوضاعه المعيشية والاجتماعية التي لن تتحسن فعلياً إلا بالتنمية الشاملة.

وهنا نسأل: إلى من يلجأ المواطن السوري المكتوي بنار الغلاء والابتزاز والفساد ومراكمة المليارات من عرق الشعب السوري ودمه؟ من يحمي المواطن من (الدواعش) المنتشرين في الأسواق، الذين يخطفون اللقمة من أفواه الجائعين من أطفالنا؟

دقّقوا في أهدافكم، واحرصوا على لقمة الفئات الفقيرة ودفئها ودوائها، فهي لا تنسى الضيم أبداً!

العدد 1140 - 22/01/2025