الشيوعي السوري الموحد: التهديدات الأمريكية مستمرة
تركيا والسعودية وإسرائيل يلعبون بورقة المجموعات الإرهابية
عقد المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد اجتماعه الدوري يوم السبت الواقع في 16/4/،2016 حضره أعضاء المكتب السياسي ورئيسا اللجنة المركزية ولجنة الرقابة والتفتيش، وقد قدم الرفيق حنين نمر، الأمين العام للحزب تقريراً سياسياً ناقشه الحضور وأدخلوا عليه بعض التعديلات وأقرّوه، وجاء فيه:
ما يزال الوضع الأمني في البلاد وفي المنطقة على ما كان عليه منذ الاجتماع الماضي، باستثناء الخروقات المتعددة للهدنة التي يبدو أن لها أهدافاً واضحة تنعكس في مؤتمر جنيف ومتطلبات مواقف الأطراف المشاركة فيه. واستمر التسابق بين المساعي السياسية والمعارك العسكرية على ما كان عليه.
إن قوى الإرهاب والمعارضة الخارجية العميلة التي تتمثل حالياً فيما يسمى (معارضة الرياض) ما تزال تصعّد أمنياً وسياسياً، فقد شنت منذ عدة أيام هجوماً واسع النطاق في أماكن متعددة كانت الغاية منه تحقيق مكاسب عسكرية وتفاوضية، على أبواب الجولة الثانية من المفاوضات، لكنه فشل.
ويبدو دون الحاجة إلى تفاصيل تطلعون عليها يومياً، أن ميزان القوى لم يطرأ عليه تبدل ما بعد تحرير تدمر والقريتين، الذي وصلت أصداؤه إلى العالم كله، إن لم نقل إنه يزداد ميلاناً لصالح السوريين وحلفائهم الروس، ويحاول الطرف الإرهابي وجناحه العسكري تصعيد الهجمات الإعلامية واللفظية وطرح أفكار ومقترحات ومواقف تدخل في باب التعجيز الذي لا يمكن للجانب السوري القبول به في أي حال من الأحوال، مثل مفهوم الهيئة الانتقالية، وتنحّي السيد رئيس الجمهورية، وإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية وربما أمور أخرى.
ماذا يجري في جنيف؟
لقد طرح السيد ديمستورا في نهاية الجولة السابقة اثني عشر سؤالاً طلب من الوفود المشاركة الإجابة عنها، ليتسنى له ربط المواقف المشتركة وتكوين ورقة (المشتركات).
والمعلومات الواردة من جنيف، إضافة إلى بعض التقديرات، تفيد بأن المشتركات التي عثر عليها ديمستورا في أجوبة الوفود كانت كثيرة وهي تساعد على تشكيل أرضية مناسبة للاتفاق النهائي.
وتفيد هذه المعلومات والتقديرات، أن مفهوماً جديداً لما يسمى الهيئة الانتقالية قد أمكن التوصل إليه، ولكنه ليس واضحاً لدينا من حيث التفاصيل إذ يجري تعتيم كبير عليه، وتصرح الكثير من الجهات ومنها المخلصون لسورية، أنه يجب الحذر من الحرب النفسية والحرب الإعلامية والمعنوية التي تُضخ بشكل ممنهج أينما كان، موحية بأن الحلول المطروحة التي ستقرّ قريباً جداً هي بالضد مما يطرحه الوفد السوري المفاوض.
كما يجب الانتباه، مثلما يقول الكثيرون، إلى المواقف الغريبة والمتقلبة والمضللة للإدارة الأمريكية، فهي تظهر بحلة جديدة كل يوم تقريباً، وما تظهره من تشدد حول مقترحات التسوية ليس هو الموقف الرسمي الذي تتخذه وراء الكواليس وفي الاجتماعات الرسمية مع الروس ومع ديمستورا، وإنه لو كانت تلك المواقف هي المواقف النهائية والرسمية لما استمرت جولات المؤتمر.
ولكن في هذا السياق نقول ما يلي:
1- إن هذه المعلومات والتقديرات لا تعني إعطاء الإدارة الأمريكية وثيقة حسن سلوك، أو أنها قد أصبحت إدارة متعاطفة مع مطالب الشعوب، فهي ما تزال من وجهة نظرنا إدارة استعمارية معادية للشعوب، وإن تغيرت أساليبها وتكتيكها.
2- إننا لا نتبنى صحة هذه المعلومات ولا نعرف مدى دقتها، فقد تكون صحيحة أو لا تكون، وهذا سيتضح خلال الأسبوع أو الأسابيع القادمة.
3- إن ما ذكرناه آنفاً لا يعني أننا مع النقاط الاثني عشر أو ضدها، كلياً أو جزئياً، إذ إن موقفنا النهائي سيتحدد على ضوء اطلاعنا ودراستنا لما سيتقرر رسمياً من قبل مؤتمر جنيف بشأن الأزمة السورية، وإلى أن تقر النقاط المشتركة سنسمع الكثير من التهديدات الأمريكية التي تستهدف الضغط على سورية، من قبيل تزويد الإرهابيين بسلاح جديد ضد الطيران، أو زج مئات جديدة من المؤتزقة في الميدان، وكذلك بعض التصريحات التي تصدر عن بعض المسؤولين الأمريكان ويدلون بها لاعتبارات انتخابية أو تحت ضغط مؤيدي تركيا والسعودية وإسرائيل الذين يلعبون بورقة المجموعات الإرهابية التي هي المصدر الحقيقي لقوة المعارضة، كانت ومازالت كذلك.
إن الوفد السوري إلى جنيف بكامل الجاهزية لعكس موقف سورية شعباً وجيشاً، المتمثل بتحرير الأرض شبراً فشبراً، إن كان ذلك سيأتي سلماً أو عبر حلول سياسية، أم عبر الاستناد إلى قوة الجيش العربي الباسل وحلفائنا في روسيا وإيران والمقاومة، فنحن شعب ودولة معتدى عليها وليست دولة معتدية، وكل القوانين الدولية تبيح للمعتدى عليه أن يسترجع حقوقه بكل الوسائل المشروعة.
الأوضاع الإقليمية والعربية
ما تزال هذه الأوضاع متفجرة ومتوترة على العموم، من اليمن حيث الهدنة التي أقرت لم تسلم من الخرق المستمر، والتي عبرت عن عجز السعودية عن احتلال اليمن أو فرض شروط مجحفة عليها، إلى البحرين التي يشتد فيها الحراك الديمقراطي الوطني، إلى ليبيا حيث يستمر الصراع لإيجاد شرعية ما للدولة التي عمل فيها التقسيم أقذر الأدوار على يد أمريكا وأوربا والإرهاب المحلي، والتي لم يتضح حتى الآن أي أفق سلمي لحل مشاكلها.
وقد بدت علائم تجدد نشاط قوى الإرهاب في الجزائر بعد مرور أكثر من 15 عاماً على تحطيم الموجة الإرهابية الأولى التي ذهب ضحيتها 100 ألف قتيل ودامت حوالي 10 سنوات، وكذلك تونس حيث تتأصل الحركة الديمقراطية التقدمية التي تتصدى ببسالة للنشاط الإرهابي ولسلوك السلطة التي لا تبذل جهوداً مرضية للشعب التونسي في مكافحة الإرهاب.
أما في السعودية التي تبذل جهوداً محمومة لحماية دورها في قيادة العالمين الإسلامي والعربي، فقد تمكنت على ما يبدو من شراء الموقف المصري السياسي وشراء جزره المنسية أيضاً (تيران وصنافير) وهي لم تكف حتى الآن عن تبني المعارضة السورية العميلة وتزويدها بأسلحة الموت والدمار. وتنظر شعوب الأمة العربية بكثير من القلق إلى الأنباء حول تشكيل حلف إقليمي- عربي- رجعي يضم إليه مصر والأردن والإمارات وتركيا وغيرها، يمد الجسور نحو إسرائيل التي أصبحت علاقاتها مع السعودية وبعض دول الخليج واضحة للعيان.
على أن يتشكل حلف ثلاثي سعودي- تركي- مصري يقود هذا التحالف الواسع (الذي يقال عنه إنه حلف سني) بمقابل ما يسمى حلف (شيعي) آخر في المنطقة بقيادة إيران، وهي خطة من أكثر الخطط الاستعمارية والرجعية خبثاً ونفوذاً، وهي بديل عن الثلاثي المصري- السعودي- السوري الذي كان يدير السياسة العربية بكاملها، منذ السبعينيات حتى العقد الأول من هذا القرن، ولكننا نعتقد أنه رغم الظروف القاسية جداً في المنطقة إلا أن قوة المحور الوطني الذي يضم سورية وإيران والمقاومة اللبنانية، بدعم كبير من روسيا والصين ليست أقل من قوة المحور التابع لأمريكا، وهذا الأمر يحتاج إلى تفصيل كبير قد نأتي عليه لاحقاً.
الدور الإسرائيلي في الأزمة السورية وأزمات المنطقة
لقد كان للعدو الإسرائيلي طيلة الأزمة الممتدة خمس سنوات دوراً مستمراً يتحرك بالخفاء، ويلعب أدواراً خطيرة وسرية تارة، وقد يضطر إلى إعلان دوره أحياناً أخرى. لقد أعلنت إسرائيل عن تعاطفها مع المعارضة السورية اللا وطنية، وجرت زيارات عدة لمعارضين سوريين إلى فلسطين المحتلة مثل كمال اللبواني، وجرت معالجة جرحى إرهابيين في مشافي إسرائيل، وحرص الإرهابيون على التعتيم على أنباء علاقتهم مع إسرائيل لكي لا يصابوا بالحرج، كما حرصت إسرائيل أيضاً على إبقاء هذه العلاقة سرية.
ولكن الأحداث تطورت بحيث اقتنع السعوديون وحلفاؤهم في المنطقة بأن الوقت قد حان للكشف عن هذه العلاقة، ولاستخدامها ضد الدول والقوى الوطنية العربية، وكان آخر ما جرى الإعلان عن أن إسرائيل كانت على علم بالقرار المصري تسليم جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، الأمر الذي أدى إلى انفجار الغضب الشعبي المصري، وكذلك الإعلان عن انعقاد جلسة لمجلس الوزراء الإسرائيلي على أرض الجولان السوري المحتل، الذي يعد سابقة خطيرة، وهو استفزاز واضح لسورية وللعالم بكامله، وهو لن يثني السوريين عن استرجاعها مهما طال الزمن،
انتخابات مجلس الشعب
كان واضحاً منذ البداية أن انتخاب مجلس شعب جديد هو في هذا الظرف خطوة سياسية، قبل أن تكون استحقاقاً دستورياً عادياً، هدفها تحديد مسار الحلول السياسية المرتقبة، لكي تبقى ضمن إطار المؤسسات السورية القائمة الآن، وبشكل آخر، قد يوكل إلى مجلس الشعب الجديد مهمة إصدار الإعلان الدستوري، وإجراء استفتاء على تعديلات الدستور أو على كتابة دستور جديد، كذلك الأمر، تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة تضم المعارضة، والتحضير لانتخابات نيابية جديدة، وبذلك يمكن ضمان قيام مؤسسات جديدة تشارك فيها المعارضة الوطنية، ولكنها غير متعارضة مع أسس الدستور الجديد الذي لابد أن يبنى على أسس وطنية وتقدمية كالدستور القديم.
لقد كان لإجراء الانتخابات في هذا الظرف قيمة سياسية هامة أمام أوساط واسعة من الرأي العام العالمي الذي لاشك أنه يقدر مسالة احترام إجراء الاستحقاقات في مواعيدها، رغم ظروف الحرب الفاجعة التي تشن على سورية منذ خمس سنوات، وكذلك فإن تكون نسبة التصويت 57% هي ليست نسبة قليلة على العموم،إذا أخذنا بعين الاعتبار ظروف الحرب البشعة، وقد لعب دوراً في ذلك اعتقاد الكثيرين من أبناء الشعب أن قوائم الوحدة الوطنية هي ناجحة بكل تأكيد، وأن التنافس سينحصر بمقاعد المستقلين، وهذا ما ساهم في عدم ارتفاع نسبة التصويت أكثر من ذلك، مع العلم أن المستقلين بأغلبيتهم لم يكونوا ممثلين لتجمعات شعبية أو مهنية أو سياسية مما جعل الطابع السياسي للانتخابات يبدو ضعيفاً، وأن مهمة الدولة في القوى السياسية المرحلة القادمة تهيئة الأجواء المناسبة لتنشيط الحياة السياسية والحريات العامة لكي ينجب الشارع السوري نخباً سياسية جديدة تأخذ من الحاضر والماضي ما هو إيجابي فيهما، وتساعد على تراكم التجارب والأفكار الجديدة.
لقد شارك حزبنا في هذه الانتخابات انطلاقاً من الضرورات والإيجابيات.
وقد اشترك الحزب بقوائم الوحدة الوطنية حيثما تسنى له ذلك، وفاز له مرشحان هما الرفيق إسماعيل حجو (محافظة الرقة)، والرفيق ملول الحسين (محافظة الحسكة).
وسيتابع هذان الرفيقان في مجلس الشعب الجديد العمل على إصدار القوانين الجديدة التي تلبي مصالح الجماهير والاقتصاد الوطني.
وسيشتركان بفعالية في مراقبة أداء السلطة التنفيذية وفي محاربة الفساد والهدر، كما سيناضلان في داخل المجلس وفي خارجه من أجل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية، وفي سبيل سورية الحرة المستقلة والموحدة، ومن أجل إنقاذها من خطر الإرهاب والظلامية.
المهمات
* متابعة التطورات القادمة
* وضع مقترحاتنا حول تعديلات الدستور.
* إجراء جولة عامة يشترك فيها رفاق من (المكتب سياسي-المركزية – المنطقيات) للقاء القوى السياسية وتنسيق المواقف.
* الاستمرار في رفع شعار الأولوية للدفاع عن الوطن.
* متابعة قضايا الغلاء المستشري في البلاد ودراسة إمكانية تصعيد النضال الشعبي ضد المسؤولين عنه، وإلقاء المزيد من الأضواء وتقديم المقترحات لحل أزمة القطع الأجنبي وسعر الصرف، وتكليف المكتب الاقتصادي المركزي بإقامة ندوة أو محاضرة أو ورشة عمل لمتابعة هذا الموضوع.