ما مصير الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة؟
الشعب الفرنسي بأغلبيته محبط، ومستاء من الذي يحصل حالياً بخصوص الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية. فقد زاد شكّه بكل سياسيّيه بعد الفضائح التي اكتشفها وما زال يكتشفها وتطول أغلبية المرشحين لرئاسة الجمهورية. ثلاثة من أقوى المرشحين لرئاسة الجمهورية، هم حالياً في مواجهة مع القضاء الفرنسي فيما يخص ملفات اختلاس الأموال العامة وغيرها من الملفات.
مرشح اليمين فرانسوا فيون، متهم بدفع رواتب لزوجته كملحق برلماني، بينما هذه الأخيرة لم تشغل أبداً هذه الوظيفة. أما مارين لوبين مرشحة اليمين المتطرف، فمتهمة أيضاً بدفع رواتب لوظائف مظهرية. أما أمنويل ماكرون، الابن الروحي للرئيس الحالي فرانسوا هولاند، فهو متهم بتنظيم احتفال في لاس فيغاس بقيمة 400 ألف يورو من خزينة وزارة الاقتصاد الفرنسية عندما كان وزيراً فيها، لأهداف شخصية.
الخصوم السياسيون يضخمون الأمور، ويكذبون بعض الشيء لضرب سمعة خصومهم، أمام الرأي العام الفرنسي.
فلم يعد المواطن الفرنسي يعرف من هو المرشح النزيه من المرشح السيئ. فتحريف السمعة بعض الأحيان يعتمد على أبسط الأشياء، بعضها شخصية، أدى إلى انحطاط النقاش السياسي الفرنسي إلى مستوى متدنٍّ لم تشهده فرنسا من قبل، ما سيكون له نتائج وخيمة على مستقبلها السياسي الداخلي كما الخارجي.
فهذه الحملة الانتخابية، هي من أبشع الحملات، من ناحية تعامل المرشحين بعضهم مع البعض الآخر، وتعاملهم مع الشعب، ومحاولة الكذب عليه. يضاف إلى ذلك تقدم اليمين المتطرف بشكل سريع وبخطا ثابتة نحو رئاسة الجمهورية. ما يعتبره عدد كبير من الفرنسيين خطراً كبيراً على حريتهم وديمقراطيتهم. بينما المرشحون الباقون يتسابقون لكي يحاولوا أن يكونوا بوجه اليمين المتطرف في الدورة الثانية، لأنهم بهذه المناورة يأملون أن ينتخبوا.
لأن عدداً كبيراً من الفرنسيين سينتخبون المرشح الذي سيكون في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بوجه مارين لوبين، مرشحة اليمين المتطرف، إذا كانوا راضين عنه، فسيكون بنظرهم الأقل شراً.
واحدة من أكبر المشاكل خلال هذه الحملة الانتخابية، هي أن المرشحين الفرنسيين، يتكلمون عن برامجهم الانتخابية، ويمضون بقية الوقت في تعديلها، والتغيير في تصريحاتهم، وبتجريح باقي المرشحين لرئاسة الجمهورية، ما يزيد غضب الشعب الفرنسي، وما يزيد انقسامه وتشرذمه.
فرنسا قادمة على تحديات كبرى ومنها افتراضية محاربة الإرهاب على أرضها، مع عودة المقاتلين الفرنسيين من سورية والعراق. مع هذا هناك الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها فرنسا. فمن هو المرشح الأقوى لرئاسة الجمهورية، الذي باستطاعته قيادة فرنسا في هذه المرحلة؟
لكن السؤال الأكبر الذي يمكن طرحه، هو التالي، نظراً لما تعيشه فرنسا حالياً من خلال الحملة الانتخابية البائسة، والملفات المفتوحة والمحاكمات، وحالة الطوارئ، والتهديد الإرهابي الدائم: هل الانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها المحدد؟ إنه سؤال عدد كبير من الفرنسيين. أما في ما يخص برامج السياسات الخارجية فإن المرشحين الفرنسيين بأغلبيتهم ما زالوا يتفننون في التبعية للإمبريالية الأمريكية، الصهيونية.