حكاية صمود

سوريا كانت ومازالت محور المقاومة وقصيدة الفداء والتضحية والصمود، هي عاصمة الحضارات والجمال التي حاربتها قوى الطغيان، وحاصرتها الجيوش، لكن محاولاتهم بدأت ولم تنته إلا بالنصر المؤزر، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على تماسك مكونات الشعب السوري، وحبه للأرض واستعداده لبذل الدماء من أجل  حرية الوطن وكرامته، وهاهي ذي أجيالنا اليوم ترفع بيدها إشارات النصر في مواجهة قوى العدوان:  لن تمروا على أرضٍ ارتوت بدماء كل من عشقها ودافع عنها بدمائه،ولن تهزم بلاد شعارها الشهادة أو النصر .

بدأت الحكاية في تاريخنا المعاصر مع الاستعمار التركي،ومحاولته كبح حركات التنوير التي حرضت على مقاومة الأتراك وإنهاء سيطرتهم على البلدان العربية،فكانت قافلة الشهداء الأولى في 6 أيار عام 1916على يد جمال باشا السفاح، ومنهم (رشدي الشمعة، شكري بك العسلي، شفيق بك مؤيد العظم ، عبد الحميد الزهراوي)، ومن لبنان ( عبد الغني العريسي ، نخلة باشا المطران).

وتم اختيار السادس من أيار عيداً للشهداء تخليداً لذكراهم وما حققوه من إنجازات وطنية كبيرة، أما عزيمة الوطنيين السوريين فبقيت بأوج استعدادها بعد أن كشرت قوى الاستعمار الفرنسي والبريطاني عن أنيابها لاقتسام تركة الدولة العثمانية.

وكانت موقعة  ميسلون في 24 من تموز عام 1920م بين جيش المتطوّعين السوريين بقيادة البطل يوسف العظمة، والجيش الفرنسي بقيادة الجنرال غورو، فقاوموا  وتصدوا ببسالة للمعتدين.

وأشعل الثوار السوريون بعدها شرارة الثورة السورية الكبرى عام 1925 م، وشارك في هذه الثورة الكثير من الأحرار الناجين من ميسلون ومن تأثروا بها وكانوا بموقع المسؤولية والتضحية، وكانت بقيادة القائد سلطان باشا الأطرش وغيرهم من أبناء سورية الميامين، وقد مهدت لطرد المستعمر الفرنسي عام 1946.

لكن مطامع المستعمرين وأدواتهم لم تنته، وبدأ النضال الذي خاضته سورية بمواجهة الكيان الصهيوني وأسياده.

وكانت حرب تشرين التحريرية التي أحدثت  آثاراً ونتائج كبيرة للغاية هزت العالم أجمع، من مغربه إلى مشرقه.

لقد تغيرت الوسائل والطرق، ولم تتغير المطامع والأهداف لدى قوى الاستعمار الحديث والصهاينة، فجندوا القوى السلفية السوداء للنيل من سورية ومواقفها الوطنية، واخترعوا داعش، والنصرة، وجيش الإسلام وغيرهم بذريعة الدفاع عن حقوق الشعب السوري، فعاشت سورية أياماً قاسية، وماتزال حتى يومنا هذا تواجه الإرهابيين،وتطردهم من كل شبر من الأرض السورية.

لقد وقف شعبنا صفاً واحدا خلف جيشه البطل، واستشهد الآلاف خلال هذه السنوات، وهم يدافعون عن سوريتهم اقتداء  بمن سبقوهم من الأبطال، فسورية إلى اليوم تدفع ضريبة مواقفها المشرفة بما تتعرض له من حملة إعلامية مسعورة تشنها القوى الغربية والأمريكية بهندسة صهيونية، لم تترك فرصة إلا واستخدمتها، لإركاع سورية.

المجد لشهداء سورية الميامين.. والنصر لشعبنا الذي ضحى من أجل إعلاء كرامة الوطن!

العدد 1104 - 24/4/2024