(غرفة طوارئ) لاستجلاب اليهود إلى إسرائيل

د. صياح فرحان عزام:

بات معروفاً عن الكيان الصهيوني أنه يستغل اندلاع أي حرب أو تفجر أزمة من الأزمات فيما يعود عليه بالفائدة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ما إن بدأت العملية العسكرية الروسية في شرق أوكرانيا فجر يوم 24/2/2022، التي هي أشبه ما تكون بتصرف هجومي في معرض الدفاع عن دولة، اعترف الرئيس بوتين باستقلالها وعقد معها معاهدة أمنية وعسكرية مشتركة، بعد أن استنفد كل محاولات التوصل مع أمريكا وحلفائها إلى اتفاق سياسي يضمن لروسيا عدم تمدد حلف الناتو شرقاً باتجاه حدودها، وعدم ضم أوكرانيا إلى هذا الحلف، وقبلها العودة إلى اتفاقات (مينسك) بخصوص أوكرانيا، ما إن بدأت هذه العملية العسكرية الروسية حتى عمد الكيان الصهيوني إلى إقامة ما أسماها (غرفة طوارئ) لبحث تطورات الوضع في أوكرانيا، في ظل وجود أكثر من ثمانية آلاف إسرائيلي هناك، وجالية يهودية يصل تعدادها إلى مئتي ألف نسمة أو أكثر بقليل.

كما عقدت جلسة خاصة في وزارة الخارجية برئاسة وزير الخارجية، مع إجراء اتصالات بالسفارة الصهيونية في كييف للتنسيق حول إجلاء الإسرائيليين ويهود أوكرانيا إلى بولندا ورومانيا ومولدوفا وهنغاريا وسلوفاكيا، قبل إجراء اتصالات مع حكومات هذه الدول، وفتحت حكومة الكيان ممثلية دبلوماسية بديلة في مدينة لفوف في غرب أوكرانيا بالقرب من حدود بولندا تحسباً لاضطرارها إلى إخلاء سفارتها في كييف بسبب القتال الدائر فيها.

وكان بينيت (رئيس وزراء الكيان الصهيوني) قد كرّر قبل بداية العملية العسكرية الروسية دعوته للإسرائيليين الموجودين في أوكرانيا إلى العودة فوراً، مؤكداً عدم قدرة حكومته على ضمان سلامتهم في حالة الطوارئ إلا بشكل محدود.

من جانب آخر وفي السياق ذاته، كرّرت صحيفة (يسرائيل هيوم) أن مختلف الوزارات في الكيان والوكالة اليهودية والهيئات الحكومية الأخرى، أنجزت كل استعداداتها لاستيعاب موجة هجرة جديدة من أوكرانيا، ووضعت خططاً تفصيلية لهذا الغرض. أيضاً أكدت وزيرة الهجرة والاستيعاب أن إسرائيل على استعداد لاستقبال آلاف المهاجرين اليهود من أوكرانيا.

إذاً، كما أشرنا، تعمل حكومة كيان الاحتلال الصهيوني على استغلال أزمة أوكرانيا، لتهجير آلاف اليهود هناك إلى إسرائيل، وتعرض عليهم الإغراءات الكثيرة، وهذا الأمر تنفيذ لسياسات الاستيطان التي لم ولن تتوقف حكومات الكيان المتتالية عن تنفيذها، على حساب الأرض الفلسطينية وعلى حساب أراضي الجولان العربي السوري المحتل. جدير بالذكر أن الحكومة الصهيونية برئاسة بينيت أعلنت منذ اللحظات الأولى لبدء العملية العسكرية الروسية في شرق أوكرانيا دعمها لما أسمته (أراضي وسيادة أوكرانيا).

وفي هذا السياق نشير إلى أن اليهود موجودون بقوة في السياسة والاقتصاد والمال الأوكراني، ويسيطرون على تجارتها الخارجية من الفولاذ والحبوب، وفيها جالية يهودية – كما أشرنا- قبل قليل، وهاجر أكثر من نصفها إلى إسرائيل منذ بداية المشروع الصهيوني، منهم على سبيل المثال صهاينة مشهورون تسلّموا مناصب وزعامات في كيان الاحتلال، مثل غولدا مائير، وليفي أشكول.

والآن ركبت إسرائيل موجة تصاعد أزمة أوكرانيا، التي كانت طرفاً في اختلاقها وتوتير الأجواء فيها، فهي تعمل على تخويف الأوكرانيين من الأوضاع السائدة والتركيز على أنها ستتطور باتجاه الأسوأ، ليهاجروا إلى إسرائيل، هذا مع العلم بأن آلاف اليهود الروس والأوكرانيين الذين هاجروا إلى إسرائيل سابقاً، احتفظوا بجنسياتهم المزدوجة، وبقي ولاء بعضهم ملتبساً بين إسرائيل وبين بلادهم الأصلية.

ولمزيد من الإيضاح فإن فلاديمير زيلنسكي، الممثل الكوميدي الذي أصبح رئيساً لأوكرانيا، يهودي صهيوني يحمل الجنسية الإسرائيلية، وأن رئيس الوزراء الأوكراني دينس أشماهول، هو الآخر يهودي صهيوني ويحمل الجنسية الإسرائيلية، إضافة إلى عشرة وزراء آخرين، وهؤلاء جميعاً متعاونون مع المجموعات النازية الجديدة في العِداء لروسيا الاتحادية.

 

العدد 1107 - 22/5/2024