مقتطفات من مقابلة الرفيق نجم الدين الخريط (الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد) مع وكالة (شينخوا) وتلفزيون (سي سيتي) الناطق باللغة العربية وصحيفة (الشعب الصيني) اليومية

أجرت وكالة (شينخوا) وتلفزيون (سي سيتي) الناطق باللغة العربية وصحيفة (الشعب الصيني) اليومية، مقابلة مع الرفيق نجم الدين الخريط (الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد)، في إطار التحضيرات للاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، وقد تخلّل المقابلة حديثٌ معمّق حول عدة مسائل سياسية واقتصادية.

جريدة (النور) تنشر ملخصاً لأهم ما جاء في هذه المقابلة:

  • مندوب وكالة شينخوا: يسعدنا اللقاء بكم الرفيق نجم الدين الخريط (الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد)، ولدينا عدة أسئلة نتمنى أن تتكرموا بالإجابة عليها.
  • الرفيق نجم الدين الخريط: قبل الإجابة عن أسئلتكم، اسمحوا لي أن أتوجه باسمي وباسم أعضاء الحزب الشيوعي السوري الموحد بالتحية لقادة الحزب الشيوعي الصيني وأعضائه، وأنتهز هذه الفرصة لأعبر عن عميق احترامنا وتقديرنا للشعب الصيني الصديق، وللتأكيد على أن حزبنا الشيوعي السوري الموحد يولي العلاقات الرفاقية مع الحزب الشيوعي الصيني والدولة الصينية اهتماماً بالغاً، فلقد وقفوا على مدار سنوات طوال إلى جانب شعبنا في نضاله المستمر ضد المستعمرين والمحتلين، وتجلى هذا الموقف بشكل خاص في وقوف جمهورية الصين القوي والحازم إلى جانب وطننا، في تصديه للحرب الظالمة التي فرضت عليه، فقد قدمت جمهورية الصين الشعبية المساعدات الاقتصادية إضافة إلى المواقف الدبلوماسية الداعمة لأبناء شعبنا، كما قدمت وما زالت تقدم المعونات الطبية لأبناء بلدنا في تصديهم لوباء كورونا، فهذا ليس غريباً ولا جديداً بالنسبة لجمهورية الصين الشعبية التي اتبعت منذ تأسيسها سياسة السلام والتنمية والتعاون المشترك بين الدول والشعوب.
  • مندوب شينخوا: السؤال الأول: هل قمتم بزيارة إلى الصين؟ وماهي انطباعاتكم من خلالها؟
  • الرفيق نجم الدين الخريط: بدعوة من دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، تمكنت من زيارة جمهورية الصين الشعبية مرتين، الأولى كانت عام 2004 والثانية عام 2016، وأول ما يلفت الانتباه هو التطور الواضح والملموس خلال هذه السنوات الـ 12 ما بين الزيارتين.

لقد تبدلت وتغيرت عدة أماكن كنا قد شاهدناها في الزيارة الأولى، لكنها تحسنت وتطورت كثيراً عندما شاهدناها في الزيارة الثانية، وخاصة في المناطق الريفية.

وأذكر هنا أنهم أخبرونا بأن معدل دخل العامل الصيني ارتفع ما بين هذه السنوات ثلاثة أضعاف. وهذا يعني أن نمط حياته ومعيشته واستهلاكه اختلف جذرياً عما كان عليه قبل ذلك.

  • مندوب شينخوا: ومنذ عام 2016 ولحد الآن اختلف الوضع كثيراً – تحسنت أحوال الناس بما لا يقاس.
  • الرفيق نجم الدين الخريط: أعتقد ذلك – وبكل تأكيد.

نتيجة للتقدم العلمي والتقني تحسنت حياة الناس وظروفهم خلال هذه السنوات الخمس بوتائر أسرع وخاصة أنه في عام 2021 تم القضاء على الفقر نهائياً.

  • مندوب شينخوا: هذا يقودنا للسؤال الثاني:

الحزب الشيوعي الصيني يقود الصين لتحقيق إنجازات ضخمة في المجالات كافة، كيف يمكن للدول أن تستفيد من هذه التجربة في التطور السريع مع الحفاظ على سيادة البلد واستقلاله؟!

 

  • الرفيق نجم الدين خريط:

لقد حقق الشعب الصيني بقيادة الحزب الشيوعي الصيني إنجازات عظيمة لا يمكن اختصارها بكلمات، فمنذ نحو مئة عام، والحزب الشيوعي الصيني يقف في الصف الأمامي ويعتمد على الشعب، ويعمل من أجل الشعب في كل أنحاء البلاد، وذلك سجل ملحمة عصرية مجيدة لتاريخ التطور البشري من خلال إنجاز ثلاثة أحداث هامة كبيرة:

الحدث الأول: إنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة وتحقيق الاستقلال الوطني وتحرير الشعب.

الحدث الثاني: إنجاز الثورة الاشتراكية، والبناء الاشتراكي، وطرح الحزب الخط العام للمرحلة الانتقالية، التي تعني تحقيق التصنيع الاشتراكي الوطني تدريجياً وإنجاز مهمة التحويل الاشتراكي للزراعة والحرف اليدوية وبدء تنفيذ الخطة الخمسية الأولى لبناء الوطن.

لقد حقق الحزب خلال هذه الفترة التحول من الديمقراطية الجديدة إلى الاشتراكية، وحقق تغييراً اجتماعياً واسعاً ومؤثراً في تاريخ الصين، فقد تمّت إقامة النظام الاشتراكي الأساسي.

الحدث الثالث: هو إجراء الثورة العظيمة للإصلاح والانفتاح، دخلت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وبناء التحديثات الاشتراكية، عن طريق صنع القرار التاريخي المتمثل في نقل ثقل الأعمال للحزب والدولة إلى البناء الاقتصادي وتنفيذ الإصلاح والانفتاح.

لقد أقر الحزب بناء الاشتراكية الصينية، وقاد كل الشعب على مسيرة الإصلاح والانفتاح ومن إصلاح الهيكل الاقتصادي إلى اصلاح الهياكل في شتى المجالات، ومن تنشيط الاقتصاد المحلي إلى الانفتاح على الخارج.

فتضاعف إجمالي الحجم الاقتصادي وتحسن مستوى معيشة الشعب وتحققت القفزة التاريخية من عدم الكفاية في الكساء والغذاء، إلى الوفرة وإلى الحياة الرغيدة.

فارتفع معدل إجمالي دخل الفرد، وتطور التعليم والثقافة والرياضة والصحة والرعاية الخ.

وازداد اجتذاب الاستثمارات، وارتفع حجم الصادرات، هذه التجربة الصينية الهامة يمكن أن تلهم الدول الأخرى، وخاصة النامية للاستفادة منها وفق خصائصها وظروفها، أي بمعنى يمكن الاستفادة من التجربة الصينية مع الحفاظ الكامل على السيادة والاستقلال، ومن خلال التعاون بين الشركات الصينية والشركات في الدول الأخرى، ومن خلال تبادل الوفود والزيارات، وتقديم الاستشارات والمساندات والخبرات، أي من خلال إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة والمستقبل الأفضل.

وإننا في سورية كإحدى الدول النامية نتطلع إلى الاستفادة من التجربة الصينية، خاصةً في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها بلدنا حالياً بسبب الحرب الظالمة والحصار والعقوبات وما نجم عنها من مشاكل وصعوبات اقتصادية واجتماعية.

  • مندوب شينخوا: قام الرئيس شي جين بينغ بتلخيص فلسفته بصدد حكم الدولة إلى (أفكار الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد)، كيف تقيّمون أفكار شي جين بينغ؟
  • الرفيق نجم الدين خريط: إن التجربة الصينية اليوم بقيادة شي جين بينغ تشكّل تطوراً هاماً في النظرية الماركسية وفهماً عميقاً لمبادئها ومرتكزاتها.

لقد أكدت قيادة الحزب الشيوعي الصيني تمسّكها بالماركسية كمرشدة للعمل وليست كعقيدة جامدة، ودعت إلى تحرير العقول وشق طريق جديدة وابتكارات جديدة لتعميق الإصلاح على نحو شامل.

وتتركز أهمية هذا التطوير بأنه ليس رؤية نظرية مجردة، بل هو حقيقة تطبق على أرض الواقع حقيقة أثبتت صحتها من خلال مواجهة الصعوبات والتحديات، وتحقيق الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة، وحشد القوة الجبارة لتحقيق حلم الصين للنهضة العظيمة للأمة الصينية، بقيادة الحزب الشيوعي الصيني.

لقد أكد شي جين بينغ أن الماركسية أداة للعمل والنضال والتطوير والتغيير، ولتحقيق النجاح لابد من الربط الخلاق بين مبادئ الماركسية والظروف الخاصة بكل بلد.

وأنه لا يوجد نمط وحيد للاشتراكية وغير قابل للتغيير، وأنه من أجل تحويل الخطة النظرية إلى واقع ملموس، من الضروري أن ندمج المبادئ الأساسية للاشتراكية العلمية مع واقع البلاد وتاريخها وثقافتها، فضلاً عن دمجها مع متطلبات العصر، مؤكداً أن المهمة المقدسة للشيوعين الصينين هي تطوير الماركسية على نحو مستمر.

لقد قدم الرفيق شي جين بينغ سلسلة من الإيضاحات الهامة حول تعميق الإصلاح وتوسيع الانفتاح على نحو شامل، وعلى هذا الأساس عملت قيادة الحزب على تحسين وتطوير نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، ودفع عملية تحديث نظام حكم الدولة تحت قيادة الحزب، وهذا يشمل ترتيبات الهياكل والآليات والقوانين والأنظمة في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة والمجتمع وبناء الحزب، وغير ذلك، أي مجموعة كاملة من الأنظمة المترابطة والمتناسقة، والمتفقة مع تغيّرات العصر ومتطلباته.

على هذا الأساس هذه الرؤية التطورية حققت الصين إنجازات اقتصادية واجتماعية وتقنية كبرى، في الزراعة والصناعة والمواصلات والنقل والطيران والاتصالات والتعليم والرعاية الصحية، وحدث تطور تكنولوجي هائل في مجال الذرة وغزو الفضاء وصناعة الأقمار الصناعية…الخ، أي باختصار إن هذه الرؤية وهذه السياسة حولت الصين إلى قوة دولية كبرى في جميع المجالات.

  • مندوب شينخوا: خلال سنة 2020، نجحت الصين تحت قيادة الحزب الشيوعي في إنجاز عملين مهمين، ألا وهما السيطرة على وباء كورونا، والتخلص من الفقر المطلق في أنحاء البلاد، فكيف تقيمون أعمال الحزب الشيوعي الصيني في تحقيق هذين الإنجازين؟
  • الرفيق نجم الدين الخريط:

يعد وباء كورونا أخطر تحدّ تواجهه البشرية منذ مئة عام، وتتطلب مكافحته تضافر جهود كل الدول، وقد قامت جمهورية الصين الشعبية بالتصدي لهذا الوباء منذ الأيام الأولى من خلال الإدارة الناضجة لهذه الأزمة وتطبيق عمليات العزل وبناء المشفى (المعجزة) وتقديم العلاج اللازم والفحص والمراقبة الشديدة، والتعامل الموضوعي الصريح والشفاف.

لقد وضعت الحكومة الصينية صحة أبناء شعبها وشعوب العالم في المرتبة الأولى، وقبل أي شيء آخر. فقامت بإرسال المساعدات الطبية إلى عشرات البلدان، ومنها سورية. فيما شاهدنا على الطرف الآخر (أمريكا والدول الغربية) نمو الخطاب العنصري، وفشل الدول الغربية حتى في مساعدة بعضها البعض كما حصل مع إيطاليا وإسبانيا، فقد قامت الصين وروسيا وكوبا بإرسال الأطباء والمعدات والدواء لمساعدة الشعب الإيطالي وغيره.

لقد كشف هذا الوباء عجز النظام العالمي عن مواجهة هذا الخطر الذي يهدد صحة البشر وحياتهم، وفضحت هذه الجائحة النظام الرأسمالي، وأدت إلى تعريته بصورة لم يسبق لها مثيل، أن السبب الرئيس في تفشي هذا الفيروس هو ضعف المنظومة الصحية العالمية، وضعف الإنفاق العام على الصحة في البلدان الرأسمالية، وهنا أقول لو أن جزءاً مما ينفق على تصنيع الأسلحة من طائرات ودبابات وصواريخ وقنابل لقتل البشر، وتدمير المدن وتخريب البيئة، أُنفق على الرعاية الصحية لكان كافياً لبناء مئات المشافي، وإقامة مئات المخابر ومراكز للبحوث العلمية، والدراسات الطبية، وتصنيع اللقاحات والأدوية التي تساعد على إنقاذ حياة ملايين الناس ليس من كورونا فقط بل من كل الأمراض والأوبئة بدل قتلهم بالقنابل والصواريخ.

إن الدور الذي قامت وتقوم به جمهورية الصين الشعبية خلال هذه الأزمة وتعاونها مع بقية الدول من منطلق الحرص الشديد على البشرية جمعاء، يجب أن ينعكس في ميدان السياسة الدولية من خلال تحدي وباء الإرهاب السياسي والاقتصادي الأمريكي، فكما يحتاج العالم اليوم إلى مبادرات اقتصادية، فهو أيضاً بحاجة إلى مبادرات سياسية تسعى لخلق عالم آمن، خالٍ من الحروب والنزاعات، متساوٍ في الكرامة والحقوق.

إن انتشار جائحة كورونا يبرهن مجدداً على أن البشرية تتشارك في مصير ومستقبل واحد، وعلى جميع الدول تكريس رؤية مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، فلنعمل يداً بيد على مكافحة الوباء وإقامة مجتمع المستقبل المشترك، هذا كان شعار قادة جمهورية الصين الشعبية.

والإنجاز الهام الثاني عام 2020 هو مكافحة الفقر.

لقد التزم الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية بالقضاء على الفقر في كل أرجاء الصين وخاصةً في المناطق الريفية، في عام 2020 في إطار بناء مجتمع الحياة الرغيدة.

وفي كلمةٍ ألقاها الرئيس شي جين بينغ قال: (الفقر ليس الاشتراكية) ودعا جميع المناطق والوحدات إلى تعزيز التنظيم والقيادة، وزيادة قوة الدعم للفقراء.

وقد أقيمت علاقات تنسيق وتعاون بين مناطق شرقي الصين المتقدمة ومناطق غربي الصين المتخلفة (آنذاك).

لقد شارك كل الصينيين في ملحمة محاربة الفقر، مما جعل الصين هي أول دولة نامية تحقق الهدف الإنمائي للأمم المتحدة للحد من الفقر، وسبقت الموعد  المحدد من قبل الأمم المتحدة لمكافحة الفقر بعشر سنوات، ونجحت في تخليص أكثر من 800 مليون فقير من حالة الفقر، كما قدمت إسهامات هامة لتطور المجتمع البشري، ووفرت تجربة الصين في مكافحة الفقر نموذجاً مفيداً للدول النامية وهي تقوم بمسؤوليتها في دعم شعوب العالم للتخلص من الفقر، من خلال تقديم المعونات والمساعدات والخبرات انطلاقاً من إيمان الصين بالمصير المشترك للبشرية والترابط بين الشعب الصيني وشعوب العالم، وهناك فرق كبير بين من يقول أنا أولاً ومن يقول أنا جزء من العالم والعالم كله أولاً، وهذا ما قاله الرئيس شي: (العالم الذي نعيش فيه ممتلئ بالتحديات، والشعب الصيني يربط دائماً مصيره بمصير شعوب جميع البلدان برباط وثيق، ويسهم دائماً ويساعد بدون أنانية شعوب البلدان النامية ودائماً على استعداد لبذل قصار جهده للمساهمة في السلام و التنمية للبشرية جمعاء).

مندوب شينخوا:

تحت قيادة الحزب الشيوعي، قامت الصين بالمشاركة الناشطة في حل مسائل دولية والحفاظ على تعددية الأطراف سعياً إلى تعزيز السلام العالمي وتقدم الحضارة البشرية، وفي هذا السياق، طرح الأمين العام للحزب مبادرة بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، فكيف تقيمون مكانة الحزب الشيوعي الصيني والدور الذي يلعبه في الساحة الدولية.

الرفق نجم الدين الخريط:

تعمل القيادة الصينية على دفع عمليات التعاون والصداقة بين الشعوب، وقد اتخذت موقفاً أكثر انفتاحاً للعلاقات بين الصين والدول الأخرى، وطبقت السياسات الخارجية المتمثلة في المحبة والصدق والمنفعة المتبادلة.

وطرحت سلسلة من المبادرات مثل بناء حزام اقتصادي على طول طريق الحرير، وبناء طريق الحرير البحري، وتعزيز بناء منطقة التجارة الحرة.

وتعمل الصين من أجل السلام والتنمية والتعاون، وممارسة مفهوم المصالح المشتركة ومفهوم الأمن الصحيح في كيان ذي مصير مشترك للإنسان- وتدعو إلى حل النزاعات والتناقضات بشكل مناسب من خلال التشاور والحوار، ومفاوضات السلام لمواجهة المشاكل والتحديات القائمة وبذل جهود لخلق عالم متناغم يتسم بالسلام الدائم والازدهار المشترك، كل هذا استند إلى سياسات قيادة جمهورية الصين الشعبية التي تجسدها  نظرية الرئيس شي جين بينغ (بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية) فقد دعا جميع دول العالم إلى حماية السلام وتعزيزه، وإلى التعاون المشترك لجعل القرية العالمية منصة لتحقيق التنمية المشتركة، وأكد (أن الإنسان لا يملك إلا كرة أرضية واحدة، وتعيش جميع الدول في عالم واحد، وأن التنمية المشتركة أساس للتنمية المستدامة، وأنها تتوافق مع المصالح الجذرية لشعوب العالم) ودعا لبناء مستقبل أفضل للعالم من خلال الانفتاح الشامل، والتنمية المشتركة واحترام خيار الدول بنفسها لطريقة تنميتها والنظام الاجتماعي لها.

إن المبادرات الإيجابية التي يقدمها الحزب الشيوعي الصيني من أجل تفاهم أكبر وصداقة دائمة مع جميع الدول، وخاصة النامية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير القطاعات المنتجة وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان، ستلعب دوراً رئيسياً في تطور هذه الدول، وتؤدي إلى منفعة مشتركة بين الصين والدول النامية وجميع دول العالم بشكل عام.

مندوب شينخوا:

إن التفاعلات والتبادلات بين الحزب الشيوعي الصيني والحزب الشيوعي السوري الموحد ناشطة وممتازة، برأيكم كيف يمكن للحزبين أن يعززا التبادل والتعاون في هذه الظروف الصعبة ومستقبلاً؟

الرفيق نجم الدين الخريط:

إذا كان حزبنا يعتبر دائماً مسألة تطوير العلاقات بين الحزب الشيوعي السوري الموحد والحزب الشيوعي الصيني مسألة هامة وضرورية، فإنه يؤكد اليوم أن هذه المسألة أصبحت حاجة ملحة للحزبين أكثر من أي وقت مضى، انطلاقاً من رؤيته لمصلحة بلدينا وشعبينا.

فاليوم تفرض على بلدي أشد العقوبات ظلماً وإجحافاً بسبب استمرار مواجهتها لبقايا الإرهابيين، بعد حرب استمرت عشر سنوات، ولتصديه للعدوان الأمريكي-الصهيوني وللمشاريع الصهيونية-الأمريكية في المنطقة، وعدم رضوخه وتلبيته للمطالب الصهيو-أمريكية بالتنازل عن استقلاله وسيادته وحقوقه المشروعة… فبعد حرب إرهابية دمرت البنى التحتية والمصانع والمشافي والمدارس، وأحرقت الأخضر واليابس، وهجّرت العباد، وأدت إلى تراجع الأوضاع المعيشية والاقتصادية لأغلبية المواطنين،

قام (دعاة الديمقراطية) بتطبيق ما يسمى بقانون (قيصر) الذي أدى إلى ترتيب أعباء جديدة، نتيجة نقص الموارد والمواد وتدهور قيمة الليرة، وارتفاع الأسعار…الخ مما أدى لإضعاف قدرة المواطنين حتى على اتخاذ أبسط الإجراءات لحماية أنفسهم من وباء كورونا. إن هذا القانون يهدف إلى عرقلة أي جهد سلمي لحل الأزمة السورية من ناحية، وإلى زيادة معاناة الشعب السوري المعيشية من ناحية أخرى.

وإلى مزيد من الخنق الاقتصادي والمالي لسورية دولة وشعباً. إضافة إلى منع عملية إعادة إعمار ما دمره الإرهاب، وهذه العقوبات تطول الغذاء والدواء وتمنع عن السوريين لوازم مكافحة وباء كورونا، إضافة إلى حرمانهم من أساسيات الحياة اليومية- إنهم يعاقبون الشعب السوري بكامله وليس الحكومة السورية كما يدعون كذباً وزوراً. ويتباهى زعماء الكيان الصهيوني علناً وأمام العالم بأنهم قصفوا بطائراتهم وصواريخهم البواخر التي تحمل النفط لسورية.

إضافة إلى احتلال أمريكا لجزء هام من الأراضي السورية، حارمة الشعب السوري من ثلثي قمح ونفط بلاده ودعمها لفصائل إرهابية ومنها (داعش) ومواصلة تشجيعها للنزعات الانفصالية ونهبها وسرقتها لثروات البلاد ودعمها للكيان الصهيوني والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على بلادي. إن كل ذلك يهدف إلى إيصال سورية لما يسمى (الدولة الفاشلة) ويهدف لتجويع الشعب السوري وإذلاله وإيصاله لحالة اليأس والقنوط وتراجع مشاعره الوطنية ودفعه إلى التمرد على حكومته، وبالتالي إلى نشر الفوضى وإشعال الحروب الطائفية والأثنية والقومية والعشائرية، ومن ثم تحقيق أهدافهم التي لم يستطيعوا تحقيقها بالحرب، وهي تقسيم سورية وإركاعها لمخططاتهم وأهدافهم في المنطقة.

كما يشترك النظام التركي في هذه الأفعال الإجرامية، إذ تحتل القوات التركية ومرتزقتها أراضي في شمال سورية، وتقوم بإرسال الإرهابيين بعد تدريبهم إلى الأراضي السورية وتقطع الطرقات وتستغل الوضع الاقتصادي والمعيشي لتمعن في محاولة تقسيم البلاد عبر عدة إجراءات تهدف إلى تغيير ديمغرافية المنطقة التي تحتلها، وإفراغها من سكانها الأصليين وإدخال عملتها ونشر لغتها ومناهجها الدراسية والتعليمية. في ظل هذه الظروف البالغة الصعوبة، أود تأكيد أهمية تطوير العلاقات الرفاقية والتضامنية بين حزبينا من جهة وبقية الأحزاب الشيوعية واليسارية والقوى التقدمية في العالم، بين جمهورية الصين الشعبية وجميع دول الممانعة والمقاومة للهيمنة الأمريكية من جهة أخرى، للتصدي لهذه الهيمنة والغطرسة العسكرية والاقتصادية.

 

لابد  من مواجهة وباء الإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية في عدة أماكن حول العالم ومنها الصين، حيث تمارس أمريكا مختلف الضغوط الاقتصادية لمحاربة الشركات الصينية، وهذا يتطلب تشكيل تحالف عالمي يجمع قوى الممانعة والمقاومة والدول المناهضة للعنصرية والهيمنة والحريصة على سيادة واستقلال الدول  صغيرها وكبيرها وعلى حقوق وكرامة الشعوب في كل أرجاء المعمورة وأن نكون صفاً واحداً، متعاوناً متعاضداً، يعمل للانتقال إلى نظام دولي جديد يقوم على مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وإلى نظام عالمي جديد تسوده علاقات التضامن والتكافل لمواجهة كل الصعوبات والكوارث والأوبئة ويعمل لخير الإنسان والإنسانية، وعلى هذا الأساس فإننا نحيي كل من يقف مع دول الممانعة والمقاومة في مواجهة الهيمنة الأمريكية وفي رفض الامتثال للعقوبات الأمريكية ونعتبره يقف موقفاً شجاعاً ليس من أجل هذه الدول فقط  بل للبشرية جمعاء.

من هذا المنطلق نقدم نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد وسنستمر بتقديم ما علينا وما نستطيع لتقوية وتعزيز العلاقات الرفاقية بين حزبينا- الحزب الشيوعي السوري الموحد والحزب الشيوعي الصيني لقناعتنا الكاملة بأن هذا سيصب في مصلحة شعبينا وبلدينا.

مندوب شينخوا:

تصادف هذه السنة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. هل يمكن أن تعربوا عن تمنياتكم للحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني في هذه المناسبة.

الرفيق نجم الدين الخريط:

نحو مئة عام والحزب الشيوعي الصيني يعمل ويناضل من أجل الشعب الصيني، وبفضل قيادته انتقلت الصين من بلد متخلف إلى دولة عظيمة متطورة.

إن بناء الاشتراكية في دولة كبيرة متخلفة اقتصادياً مهمة شاقة ومعقدة للغاية، غير أن الثورة الاشتراكية والبناء الاشتراكي تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني قد أحرزت إنجازات كبيرة في جميع المجالات.

لقد قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب الصيني بكل شجاعة وقدم التضحيات الجسام، فدخلت الصين القرن الحادي والعشرين بنجاح متميز وبمستوى معيشة لأبنائها جيد، فتضاعف إجمالي الحجم الاقتصادي وزادت نسبته في  الاقتصاد العالمي وتحسن مستوى معيشة الشعب، وتحققت القفزة التاريخية من عدم الكفاية في الكساء والغذاء إلى الوفرة وإلى الحياة الرغيدة وتقديم المساعدات والتصدير لجميع دول العالم، مما أدى إلى ارتفاع معدل إجمالي دخل الفرد وأُقيم نظام تأمين اجتماعي يغطي كل المواطنين، وتطور التعليم والثقافة  والرياضة والرعاية الصحية…الخ وازداد اجتذاب الاستثمارات الأجنبية وازداد استثمار المؤسسات الصينية خارج الصين.

إن بناء الاشتراكية الصينية الخصائص قد رفع المكانة الدولية للصين بشكل كبير، فأصبحت تشغل مكانة مرموقة عالمياً وتلعب دوراً هاماً في الشؤون الدولية.

إن الأحداث الثلاثة الهامة التي قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب في إنجازها قد غيرت المصير والمستقبل للشعب الصيني والأمة الصينية بشكل أساسي، وأسهمت إسهاماً عظيماً في استقرار العالم وتطور من كل النواحي.

وبهذه المناسبة الغالية لا يسعنا إلا أن نتقدم بأطيب التهاني المقرونة بآيات الاحترام والتقدير لقيادة الحزب الشيوعي الصيني الصديق وأعضائه.

التحية للرواد الأوائل الذين أسسوا هذا الحزب، ولكل من ساهم وعمل في بناء هذا الحزب وهذا البلد العظيم، وألف تحية للحزب الشيوعي الصيني في عيده المئوي.

 

 

وكل عام وأنتم بألف خير!

 

العدد 1104 - 24/4/2024