في مكانٍ ما

يزن المصري:

خرج ابن مختار قريتنا بأبهى حلله، كعادته في كل يوم خميس، امتطى جواده العربي الأصيل وخرج يعدو.. كان يعدو بسرعة جنونية، كعادته أيضاً، لا يأبه إن أصاب فلاناً بأذى أو أوقع سيدة حاملاً أو شيخاً كبيراً وإلى ما هنالك من أصناف الناس الضعفاء،

وكالعادة أيضاً لم يكن أحد يجرؤ على أن ينتقد تلك التصرفات، فهو ابن مختار القرية وتعرفون ما معنى هذا.

لكن كان هناك حدث استثنائي في هذا الخميس بالذات، فأثناء جولة أميرنا المعتادة كاد يدهس شاباً، ومن خوف ذاك الشاب رمى نفسه بعيداً.. تملّكه الغضب بشدة وتغلب على خوفه وصرخ: ألا ترى؟!

توقف أميرنا فجأة ونزل عن صهوة جواده، ودون مقدمات صفع الشاب على وجهه وصاح: أنا.. لا أرى.. أيها الحقير!؟

انهال عليه بالضرب دون أي مقاومة تذكر من الشاب!

(يحق لك عزيزي القارئ أن تتساءل الآن لمَ لم يبدِ الشاب أيّ ردّ فعلٍ واكتفى بتلقي اللكمات، رغم أنه حين صرخ كنت تظنه سينقض على ابن المختار ويدميه؟ ربما تذكر خلال ثوان أن من يلكمه هو ابن المختار، ويفضّل أحياناً أن تضحي بكرامتك إن كنت تريد أن تظل حياً).

رأيت ولدي يتلقى كل هذه الضربات، فانقضضت عليه أيضاً وبدأت بضربه، وقلت لأميرنا: أرجوك يا سيدي أنا والده دعني أضربه بدلاً عنك، يبدو أنه لم يتعلم الأدب!

ضحك الأمير وامتطى جواده وذهب، واستمررت بضرب ابني، لكني أنقذت حياته على الأقل.

أرأيتم يا أطفال كيف يكون ضرب الأبناء في صالحهم أحياناً؟

العدد 1104 - 24/4/2024