الشباب العربي ثروة ضائعة! .. (مداخلة قُدّمت إلى الحلقة النقاشية التي ينظمها التجمع العربي للتنوير)

طلال الإمام_ السويد:

أولاً ألف شكر للأستاذة نجوى عبد الرحمن، على طرحها موضوعاً أساسياً وحيوياً لكل بلد يريد إحداث تطورات اجتماعية أو اقتصادية. الموضوع متشعب وواسع ويحتاج إلى صفحات وصفحات، على أمل أن يقوم المهتمون بمتابعته.

 سأحاول من جهتي التركيز على أوضاع الشباب في البلدان العربية، والمرور سريعاً على أهم العناوين المتعلقة بذلك.

نعم، الشباب ثروة تعادل إن لم تكن أعظم من الثروات الباطنية أو الاقتصادية لأي بلد.. لذلك تقوم الدول بمحاولات استغلال هذه الثروة بشكل عقلاني وممنهج كي تحقق تطورها المنشود.

ثمة معوقات كثيرة أمام استثمار طاقات الشباب في البلدان العربية أهمها: البطالة، الأمية، الأمراض، بعض العادات والتقاليد الدينية والاجتماعية، الزواج المبكر، عدم المساواة بين المرأة والرجل وغيرها.

مثلاً، تشير بعض الإحصاءات إلى أن نسبة البطالة بين الشباب في البلدان العربية هي 28% مقابل 12% عالمياً (بين النساء تصل إلى 40% وفِي العالم إلى 70%). ويبلغ عدد الأميين من 70 إلى 100 مليون.

مع الأخذ بعين الاعتبار أن المجتمعات العربية هي مجتمعات فتية.

إن البطالة والجهل بين أوساط الشباب العربي مع انتشار أفكار التطرّف الديني والاثني يجعلهم لقمة سائغة لمن يريد استخدامهم لأجندات داخلية أو خارجية لا علاقة لها بتطور اقتصادي، اجتماعي أو سياسي. وهذا ما لاحظناه في سورية أو العراق، إذ إن نسبة كبيرة من المنتمين لمختلف المجموعات الإرهابية (داعش وماشابهها) كانت شابة.

ما المطلوب عمله اتجاه هذه الصورة المأساوية؟

إن الخروج الآمن هو بيد السلطات الحاكمة بالدرجة الأولى، التي يجب عليها القيام بحملة وطنية شاملة للاستفادة من طاقات الشباب، من خلال عدة إجراءات تشريعية أساسية منها: السعي الجاد والممنهج للقضاء على الأمية والمرض، إيجاد فرص عمل، القيام بحملات توعية وطنية لتحديد النسل، منع الزواج المبكر، تغيير المناهج التعليمية وتحديثها بما يتوافق والسير مع التطورات العالمية التقنية وغيرها. (ليس من الخطأ الاستعانة بتجارب بلدان اخرى سبقتنا في هذه المجالات).

نسارع للقول إن اتخاذ هذه الإجراءات وغيرها تحتاج إلى فضاءات ديمقراطية في تلك البلدان، وإلى محاربة أفكار التطرّف الديني، ومكافحة ظواهر الدعارة والإدمان على المخدرات …إلخ.

عندما ذكرنا أن تلك المهام تقع بالأساس على الدولة، فإن ذلك لا يعني أبداً تجاهل دور هيئات المجتمع المدني ومنها دور التنويريين.

 الشكر مجدداً للتجمع العربي للتنوير

العدد 1102 - 03/4/2024