بيان الجبهة الوطنية التقدمية بمناسبة العيد الخمسين لقيام الحركة التصحيحية المجيدة 1970 – 2020

أيها الإخوة المواطنون يا جماهير شعبنا العظيم لم تكن الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها بكل الكفاءة والاقتدار القائد الخالد حافظ الأسد، حدثاً عابراً في حياة البلاد، وإنما كانت، وما زالت، فعلاً عميق الجذور، أحدث تغييرات نوعية في الحياة السياسية والاجتماعية السورية.

وإذا كنا نحتفل هذه الأيام بالعيد الذهبي لهذه الحركة، حيث مضت على قيامها وانقضت سنوات خمسون، فإنما نحتفل بما هو قائم في حياتنا من نقلة نوعية ما زالت تشكل علامة بارزة وفارقة بين ما كنا عليه قبل التصحيح، وما صرنا إليه مع التصحيح، خلال سنوات حافلة بالإنجازات النوعية التي جعلت سورية تحتل موقعها الطبيعي في محيطها وفي العالم من حولها.

لقد شهدت سورية خلال هذه السنوات الخمسين تحولات كبرى في دورها السياسي، وفي فعلها الثوري، وفي انتصارات تحققت، وأبرزها حرب تشرين التحريرية التي شكلت منعطفاً نوعياً في مجال تأكيد فعالية القدرة العسكرية السورية، فكانت هذه الحرب فعلاً عسكرياً أكد قدرتنا على وضع حد لغطرسة القوة التي كان يمارسها العدو الإسرائيلي، وعلى تحرير أجزاء واسعة من الأرض العربية، من دون أن يكون ذلك مترافقاً، لأسباب معروفة ومشهودة، مع المعادل السياسي الذي تسعى كل حرب إلى تحقيقه. كذلك فإن سورية شهدت خلال هذه السنوات الخمسين أحداثاً كبرى تركت آثارها العميقة في البنية السورية، سياسياً واقتصادياً وحتى فكرياً، من حيث تكريس انتماء سورية القومي وتجذيره، بصرف النظر عن محاولات العدو، الخارجي والداخلي، الانقضاض على هذا الانتماء والإجهاز عليه واجتثاثه من جذوره.

وإذا كانت السنوات العشر الماضية حافلة بمحاولات انتزاع سورية من دورها وتاريخها وجغرافيتها وتراثها النضالي المتراكم عبر سنوات طوال، فإن ذلك كله لا يمكن إلا أن يكون لحظة طارئة وعابرة ومؤقتة بالمعنى التاريخي للكلمة، لا بد لها من أن تؤول إلى زوال، بفعل صمود سورية غير المسبوق. وفي هذا السياق، فإن التاريخ سوف يسجل في صحائفه بكلمات مصنوعة من الذهب، كيف أن الرئيس المقاتل والمقاوم بشار الأسد، قدم للعالم كله أمثولة في رباطة الجأش، وقوة البأس، وحسن التصرف، إزاء الحرب الطويلة الأمد التي مازالت قائمة، بهذا القدر أو ذاك، والتي اتخذت شكل الغزو من الداخل، والغزو من الخارج في آن معاً، وشاركت فيها قوى عربية وإقليمية ودولية بهدف إخضاع سورية وإركاعها واستلاب قرارها، من خلال عملية التدمير الممنهج والمبرمج. وحين يقول التاريخ كلمته، وهو يقولها الآن بصوت عالٍ، فإنه سوف يقول في جملة ما يقول، إن الرئيس بشار الأسد، بخصاله القيادية، وسجاياه النضالية، وقدراته الاستثنائية، تمكن من صد الحرب على سورية صداً أذهل الأعداء وأفقدهم صوابهم، فكان الذي كان، خلافاً لما كانوا يتوهمون أنه حاصل لا محالة.

وبكل تأكيد، فإن بسالة جيشنا وقواتنا المسلحة، وقدرة شعبنا على تحمل تبعات هذه الحرب ومشاقها، وآلاف الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداء لهذا الوطن، كانت كلها القاعدة الصلبة التي مكَّنت الرئيس بشار الأسد من إحراز هذا النصر المؤزر المبين، وإن كان الثمن مكلفاً وباهظاً. لقد تجسدت خلال هذه السنوات العشر، وحدتنا الوطنية في أجلى صورها، وأرفع أشكالها، فكانت هي الوحدة التي تكسرت على صلابتها أعتى الأسلحة التي استخدمها العدو في حربه على سورية. لقد كانت الجبهة الوطنية التقدمية التي أسسها القائد الخالد حافظ الأسد، بكل ما تحمله من معانٍ ودلالات، والتي وصفها بأنها الإنجاز الأكثر أهمية من بين جميع إنجازات الحركة التصحيحية، حاضرة بأحزابها وجماهيرها وقواها الحية، في ميادين الإسهام في الصمود والتصدي خلال سنوات الحرب الطويلة الأمد، فكانت هذه الجبهة إحدى الروافع الهامة لقدرة البلاد على مجابهة هذا التحدي التاريخي البالغ الخطر والخطورة. إن العيد الذهبي للحركة التصحيحية المجيدة يشكل فرصة لاستحضار تاريخ شعبنا وقدراته، ولاسترجاع ذاك الذي كان خلال هذه السنوات الخمسين، تماماً مثلما يشكل مناسبة لاستعادة ذكرى القائد الخالد حافظ الأسد الذي أسَّس لقيام سورية الفاعلة والمؤثرة، ولتأكيد حقيقة ناجزة هي أن الرئيس بشار الأسد يشكل الاستمرار والامتداد والاستكمال لكل القيم والمبادئ والمثل العليا التي أقامها في حياتنا، ورسَّخها، وجذَّرها، القائد الخالد حافظ الأسد.

دمشق في 16تشرين الثاني 2020

القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية

العدد 1104 - 24/4/2024