(اتحاد الكتاب العرب) بين المشروع الثقافي والمصالح الذاتية النفعية

عباس حيروقة:

في مرحلة تولّي الدكتور علي عقلة عرسان الطويلة لرئاسة الاتحاد (1977-2005) كان الأصدقاء آنذاك يتبادلون مقولة مفادها: (وكان الاتحاد مفصّلاً على مقاسه وحسب) وكأن سوريتنا العظيمة طوال هذه المدة لم تنجب أديباً من مقام رئاسة الاتحاد.

ونتيجة التطور وإصدار باقة من الأنظمة والقوانين جرى، بموجب النظام الداخلي للاتحاد، تحديد دورتين فقط لا غير لأعضاء المجلس، الذي منه يُنتخَب أعضاء مكتب تنفيذي ورئيس اتحاد، ولكن ثمة من استساغ واستمرأ ما هو عليه وهو في كرسيّه لاسيّما أعضاء المكتب التنفيذي، ومما لاشكّ فيه أن هذا الاستمراء لم يتأتَّ من تعلّق الزملاء بعملهم وسعيهم لإنجاز مشاريع ثقافية بحجم طموحاتنا، ولكن جاء نتيجة سعيهم للحصول على المزيد من المكتسبات والامتيازات الشخصية التي تُمنح لهم.

وثمة من أمعن في الاستساغة وبدأ يطالب بتعديل النظام الداخلي، بهدف السماح له الاستمرار لدورة أو دورات إضافية، ليحقق مكاسب مادية ومعنوية، وأخذ يعمل جهاراً ويقدّم اقتراحاته في هذا الشأن ليتم عرضها على المجلس ثم المؤتمر.

نعم، رحم الله شاعرنا (المعري) في قوله:

لا تنهَ عن أمر وتأتي مثله        عارٌ عليك إذا فعلت عظيم 

والسؤال الذي يطرح هنا هو التالي: إذا كان د. علي عقلة عرسان قد فصّل الاتحاد على مقاسه، فلماذا أنتم تطالبون أن يفصَّل على مقاس …؟؟!!

أنتم الأدباء والنقاد والشعراء، فمن البداهة أن تعلموا أن ثمة زملاء لكم إن لم نقل أكثر قدرة وجرأة وحرصاً على قيادة الاتحاد، فهم لا يقلون طاقة وقدرة عمّا أنتم عليه ويليق بهم الاتحاد وقيادته.

لماذا لا نخلع عن أعيننا تلك النظارة السوداء وننظر إلى حقيقة الأشياء؟ ونتخلى عن هذه الأنا التي تتضخم فتؤول كتلة سرطانية.. الأنا الضيقة المليئة بالمصلحة الشخصية والمنفعة والمكاسب التافهة الصغيرة أمام ما يناط بنا من مهام ثقافية وطنية بامتياز؟

نحن أدباء ومثقفين نعتزّ بانتمائنا إلى مؤسسة راقية أصيلة ضالعة بالانتماء إلى وطن طافح بالياسمين، وانطلاقاً من كل هذا أريد أن أطرح التالي:

الجميع يعلم أننا أمام مؤتمر انتخابي قريب، ومن المفترض أن يعقد في شهر تشرين الأول، فلماذا يصرّ معظم الزملاء من أعضاء المكتب التنفيذي ومن المجلس على تأجيله لأشهر أو لسنة أو لأكثر، بحسب ما تسرّب عما دار في اجتماع المجلس وخارجه!؟

هل ثمة مصلحة وطنية، قومية، ثقافية، ستنعكس إيجاباً على الاتحاد!؟

وهل الهدف من هذا الطرح إنجاز مشاريع ثقافية وإدارية وطنية لم يسعفهم الزمن في تحقيقها.. أم للمحافظة على المكتسبات والامتيازات المادية والمعنوية؟!

لماذا يتم تأجيل مؤتمر اتحادنا الانتخابي والجميع يعلم أن الفريق الحكومي المعني بالتصدي لوباء كورونا قد ألغى المؤتمرات السنوية وحسب لا الانتخابية؟

والجميع يعلم أن ثمة مؤتمرات عقدت في المرحلة الماضية (المؤتمر الوطني لطلبة سورية) أنموذج!

اقتراح التأجيل جاء بحجة تفشي وباء كورونا، ونحن هنا لا نقلل من خطورة هذا الوباء، ولكن لو نظرنا إلى الحشود الموجودة بشكل شبه يومي أمام منافذ السورية للتجارة – سوق الخضار – الجامعات – المدارس اليوم في امتحانات طلابها…الخ، ونظرنا إلى عدد الزملاء الذين يمكن يحضروا، لخلصنا إلى نتيجة مفادها أن لا مبرر لتأجيل مؤتمرنا!

بل على العكس، علينا أن نؤكد ضرورة عقده في موعده وسط إجراءات صحية وقائية تضمن سلامة الجميع، وهذا ليس بالصعب أو العسير، بل على العكس، فدار الأوبرا يتسع وأكثر.

قضية تعديل النظام الداخلي للاتحاد شغلت، بل أقلقت بال من ستنتهي عضويته في المجلس والمكتب التنفيذي في نهاية هذه الدورة، لذلك عملوا على التمديد ليتاح لهم التعديل.. فهل سيتحقق لهم هذا؟

وهل ما قدموه في الدورتين أو حتى بعضهم في دورة واحدة يشجعنا كأعضاء اتحاد على التصويت لهم؟

ثمة قضايا أكبر بكثير كان من المفترض الاهتمام بها والاشتغال عليها (إنجاز المشروع الثقافي) وفق معطى حضاري يمثل أغلبية الزملاء في مختلف الفروع، وسنأتي على ما كنا ننتظره ونأمله من قيادة الاتحاد للوصول إلى مشروع يمثلنا جميعاً.

نعم، ثمة قضايا كبيرة كنا ننتظر الاشتغال عليها، وهي من شانها تحسين حال الزملاء أعضاء اتحادنا مادياً ومعنوياً وحال صورتنا في أعين المجتمع التي هي من البداهة صورة اتحادنا الأم، والابتعاد عن سعينا وراء مصالحنا ومكتسباتنا الذاتية النفعية المخجلة، وأيضاً الابتعاد عن (التنافرات والتجاذبات) التي لا مبرر لها لو أننا منخرطون فعلاً في مشروع ثقافي يليق باتحادنا وبالمرحلة! خلافات داخلية ولّدت انقسامات وتحالفات اتضحت للجميع وانعكست سلباً على أداء مؤسستنا التي نعتز بأننا من أبنائها.   

العدد 1102 - 03/4/2024