يـوم النصـر عـلى الفـاشـية!

طلال الإمام ـ السويد:

تحتفل البشرية التقدمية في التاسع من أيار من كل عام بيوم الانتصار على النازية الهتلرية. ففي مثل ذلك اليوم من عام ،1945 رفع الجيش السوفيتي الأحمر راية النصر فوق الرايخستاغ في برلين، معلناً الهزيمة التامة للنازية والفاشية وانتهاء الحرب العالمية الثانية، محققاً نصراً كلّف البشرية أكثر من خمسين مليون شهيد، نصفهم تقريباً من شعوب الاتحاد السوفيتي، عدا الجرحى وحجم الدمار الذي لحق بكل مكان وصلت إليه الجحافل النازية.

تهاوت العديد من البلدان الأوربية أمام الجحافل الهتلرية بسرعة كبيرة، ثم توقفت هذه الجحافل وبدأ تراجعها عندما حاولت تحطيم الاتحاد السوفيتي. يحدثنا التاريخ أن الولايات المتحدة مثلاً لم تدخل الحرب مباشرة ولم تتخذ موقفاً واضحاً منها، وكانت تأمل أن ينهار الاتحاد السوفيتي. وتدخلت فقط عندما بدأت تلوح في الأفق بوادر انتصار الجيش الأحمر.

لِقد كان من نتائج الحرب العالمية الثانية حدوث تغييرات كبيرة على المستوى الدولي، عدا هزيمة الفاشية. فقد برز توازن دولي جديد أحد قطبيه الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، وفي ظل هذا التوازن الجديد حصلت الكثير من بلدان آسيا، إفريقيا، وأمريكا اللاتينية، على استقلالها السياسي، بفضل الدعم والمساندة من القطب الجديد. كما قدمت المنظومة الاشتراكية مساعدات اقتصادية وسياسية وعسكرية للدول الفتية، وفتحت جامعاتها لتهيئة كوادر علمية للبلدان التي حصلت على استقلالها السياسي.

نعم، الفضل الأكبر في الانتصار على الهتلرية يعود لشعوب الاتحاد السوفيتي وجيشه، دون أن ننسى بالطبع دور الحلفاء والمقاومات الشعبية في مختلف البلدان الأوربية. المؤسف أن نلاحظ في السنوات الأخيرة، وبشكل خاص بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، تصاعد الأصوات التي تحاول تبخيس دور الجيش الأحمر في هذه الانتصار إلى حد إنكاره. تحاول تلك الأصوات تضليل الناس عبر القيام بمحاولات وبأشكال مختلفة، لليّ عنق التاريخ والتشويه المتعمد، عبر كتابات، مقالات، دراسات، وحملات دعائية منظمة. يشعر المرء أحياناً وكأن مثل هذه المحاولات تبغي الاقتصاص من مجمل نتائج الحرب العالمية الثانية ودور الجيش الأحمر، ومن الفكر الماركسي عموماً أو تشويهه، مستغلة الأخطاء التي وقعت في المنظومة الاشتراكية. (سألت منذ فترة محامياً سويدياً: بفضل مَن هزمت الهتلرية؟ ومن انتصر في الحرب العالمية الثانية؟ فعدّد بدايةً الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوربية. سألته: وما دور الاتحاد السوفيتي؟ أجاب بثقة: لم يكن له دور يُذكَر لأنه كان يقبع تحت ديكتاتورية ستالين ). البؤس أن من بين المنخرطين في هذه الحملات بعض من يدّعي الماركسية، أو من كان يوماً من أشد المتحمسين والمدافعين عن تلك المنظومة. هذا لا يعني أننا ضد إزالة البقع السوداء من التاريخ شرط أن يتحقق ذلك بموضوعية وبعيداً عن الغايات السياسية.

يكتسي الاحتفال بذكرى الانتصار على الفاشية هذا العام أهمية خاصة، في ظل تعاظم نفوذ الأحزاب والقوى الفاشية والعنصرية المعادية للأجانب في العديد من البلدان الأوربية، وفي ظل تنامي النزاعات والصراعات المحلية، الإقليمية والدولية التي تغذيها وتقف وراءها بيوتات المال والنفط والمجمعات الصناعية العسكرية.

لتكن هذه الذكرى محفّزة لجميع القوى: شيوعيين، يساريين، تقدميين، وجميع قوى السلم والحرية والديمقراطية، من أجل توحيد جهودها لمواجهة قوى الحرب والإرهاب والعدوان والاحتلال.

عاشت الذكرى الـ 74 للانتصار على الفاشية!

المجد لصانعيه وفي مقدمتهم الجيش الأحمر.

العدد 1104 - 24/4/2024