إدانـات واسعة لإعلان تـرامـب.. شعبنا على العهـد يا جولان

صحيح أن إعلان ترامب ثم المرسوم الذي وقعه لا يغيّران شيئاً في الوضع القانوني للجولان السوري المحتل، وأن استعراضه هذا جاء بعد خيبة مريرة، إثر فشل مخططات الغزو الإرهابي لسورية، لكن الصحيح أيضاً أن السلوك الأمريكي يصبح، أكثر فأكثر، سلوكاً معادياً لتطلعات البشرية بأسرها إلى عالمٍ آمن وسلامٍ دائم.

الوعد الأمريكي الذي قطعته الإدارات الأمريكية للكيان الصهيوني بتسليمه مفاتيح الشرق الأوسط (الجديد) بعد غزو الإرهابيين لسورية والعراق، وترتيب المنطقة حسب مصالحها ومصالح أردوغان وآل سعود وإسرائيل، أصبح وعداً مستحيلاً، بعد صمود الجيش السوري المدعوم من جماهير الشعب، التي بذلت وضحّت وأعطت أغلى ما لديها لمواجهة الإرهابيين إلى أن استعاد جيشها الوطني معظم الأرض السورية، وأحبط بمساعدة أصدقاء سورية أكبر عملية غزو إرهابي عرفته البشرية، رغم الدعم والمساندة التي حصل عليها الإرهابيون من تحالف دولي قادته الولايات المتحدة وآل سعود وأردوغان.

الأمريكيون بعد فشل سيناريو غزو سورية لجؤوا إلى السلوك البديل.. المعرقل لكل جهد سلمي لتسوية الأزمة السورية، فالمطلوب أمريكياً وإسرائيلياً، اليوم، هو استمرار الضغط العسكري والسياسي والاقتصادي على سورية واستنزافها عسكرياً واقتصادياً، ومنع أي جهد دولي سلمي يسعى إلى استعادة وحدتها أرضاً وشعباً، ويحافظ على حقوق مواطنيها المشروعة في اختيار نظامهم السياسي، ويضمن تحقيق تطلعاتهم إلى مستقبل ديمقراطي علماني.

في هذا السياق جاء الإعلان الأمريكي حول الاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على هضبة الجولان السورية، رغم معرفة العالم بأسره بأن مرسوم الاعتراف لا يساوي الحبر الذي كُتب به، وأن الجولان السوري المحتل سيعود إلى وطنه الأم.

العدو الصهيوني الذي توهّم انكسار الحلف المقاوم لوجوده وأطماعه وتوسعه في الأرض العربية، يواجه اليوم، بعد هزيمة مخططات الغزو الإرهابي لسورية والعراق، مقاومة شعبية، فلسطينية وعربية، تتصاعد يوماً بعد يوم، رغم القمع والاغتيال وزرع المستوطنات في الأرض الفلسطينية، ورغم تسابق بعض الدول العربية على كسب ودّه، بإيحاء أمريكي. أما (صفقة القرن) وإعلان ترامب ومرسومه فلن تجلب الطمأنينة إلى قلوب المحتلين الصهاينة، فالأرض العربية المحتلة تتزلزل تحت أقدامهم.

الإعلان الأمريكي قوبل بإدانة ومعارضة دولية واسعة شملت حتى حلفاء واشنطن وأصدقاءها، لكن الرد الأقوى كان إصرار الشعب السوري على الاستمرار في مواجهة الإرهابيين وطردهم من البؤر المتبقية تحت تأثيرهم، والمضيّ إلى إعمار سورية المتجددة المصمّمة على استخدام جميع أشكال المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي بما فيها المواجهة المسلحة من أجل استعادة  الجولان الغالي على قلب كل سوري.

نثق بشعبنا.. ونثق بجيشنا الوطني، وبإصراره على مقاومة الاحتلال التركي لعفرين.. وإنهاء الوجود الأمريكي على الأرض السورية، واستعادة جميع الأراضي السورية المحتلة، وفي مقدمتها الجولان.

السوريون على العهد، يا جولاننا.

العدد 1104 - 24/4/2024