مخططات أمريكية – تركية جديدة والشعب السوري لن يفرط بذرّة من تراب بلاده

تتفتّق أذهان الأمريكيين والأتراك عن مخططات جديدة.. قديمة، لتحقيق هدف طالما سعوا إليه منذ بداية الأزمة والغزو الغاشي، وهو تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ، بهدف النيل من وحدة أرضها وشعبها، اللذين يعدّان العامل الرئيسي في مواجهة محاولات الهيمنة والتركيع أمام الأطماع الأمريكية والصهيونية، لا في سورية فحسب، بل في المنطقة بأسرها.

الوجود الأمريكي على الأرض السورية كان شكلياً، والخلاف الأمريكي- التركي كان كذبة كبيرة، والانسحاب كان مسرحياً، أما ما هو حقيقي وقائم فهو اتفاق الإدارة الأمريكية وأردوغان على الاستمرار في تنفيذ مخططات التقسيم عبر تنفيذه البؤر الإرهابية الباقية ودعمها، واللعب على المشاعر القومية.. والدينية، والعمل على منع نجاح أي مسعى سلمي لحل الأزمة السورية قبل ضمان تحقيق هذا الهدف.

التفويض الأمريكي لأردوغان في الشأن السوري، بشقيه السياسي والعسكري، تدعّم باتفاقيات لم ينفِها مسؤولو البلدين، فبعد بولتون، جاءت جولة بومبيو على الحلفاء في المنطقة لتؤكد حقيقة (الانسحاب) المزعوم، فالوجود الأمريكي اليوم أشدّ فاعلية من الأمس، مادام أردوغان موجوداً.. ومادامت القطع البحرية والصواريخ الأمريكية غير بعيدة عن الشواطئ السورية.

مقتل الأمريكيين في منبج بتفجير (مسبق الصنع) كان رسالة للغير عن ضرورة التمسك الأمريكي بوجود متعدد الأشكال، ف(داعش) مازالت في سورية، وعن أهمية إعادة النظر بسحب القوات الأمريكية، هكذا خاطب ليندسي غراهام السنياتور الأمريكي البارز الرئيس ترامب، كما عبر هذا التفجير حسب التفسير التركي عن الحاجة إلى اجتياح الأرض السورية (للخلاص) من (مهدّدي) الأمن والاستقرار التركي.. والمقصود هنا المنظمات الكردية، وإقامة كيانات مصطنعة تحابي مصالح الأمريكيين والأتراك في آن واحد، وتقف حائلاً أمام الجيش السوري في سعيه إلى الانتصار النهائي على الإرهابيين واستعادة وحدة سورية.

أمام هذا التحرك الأمريكي- التركي الفاعل والاعتداءات الصهيونية المتكررة، تبدو محاولات الطرف الآخر الروسي والدولي لإحياء مبادرات خاصة لتحقيق حل سلمي، تبدو باهتة.. وتنتظر الضوء الأمريكي الأخضر، فمازالت اللجنة الدستورية مثار خلاف بين الأمريكيين وضامني (أستانا)، ومازالت تركيا تستغل الوضع في إدلب لإعاقة عملية القضاء على الإرهاب، التي نصت عليها جميع التفاهمات الدولية، ومواثيق (أستانا).

سورية أعلنت استمرارها ببذل الجهود لإنجاح الحل السلمي، وهذا ما أكدته على لسان وزير الخارجية المعلم، لبيدرسون، لكنها في الوقت ذاته رفضت كل محاولة للنيل من وحدة سورية.

المواطنون السوريون الذين صمدوا خلف جيشهم الوطني، لإعادة سيطرته على معظم الأرض السورية، مازالوا صامدين رغم ظروفهم المعيشية القاسية، ورغم التخبط الحكومي في معالجة معضلاتهم الحياتية والاجتماعية المزمنة، والتي آن الأوان للتركيز على حلّها، لضمان استمرار صمود سورية، وإفشال كل المحاولات لحمل اليأس إلى نفوس السوريين الذين يرفضون التفريط بذرة واحدة من تراب بلادهم.

العدد 1104 - 24/4/2024