في غياب المثل الأعلى… غيابٌ للتغيير

أن تجد شاباً أو شابة  يملك أو تمتلك مثلاً أعلى في مجتمعنا السوري هو أمر غير نادر، لكن أثناء سؤالي للشباب من حولي عن نوعية الأشخاص الذي يمكن اعتباره مثلاً أعلى، فاجأتني بعض الأجوبة التي أتتني: فبعض الشباب قال: إنه ليس لديه مثل أعلى، ولا يطمح لان يشبه أي إنسان آخر. فهو يسلم أمره إلى الله. يقتنع بالقضاء والقدر. وبعض الشباب قرروا أن مثلهم الأعلى هو فرد من أفراد العائلة، كالأم أو الأب. حاولت مناقشتهم بهذا الخيار ومعرفة أسباب اختيارهم هذا، فقالوا إنهم مكافحون يعملون ليلاً ونهاراً لتأمين لقمة العيش والتعليم لأولاده،م حتى وإن كانوا أميين، ودائماً خيارهم الأول راحة الأولاد وتربيتهم. ورغم إعجابي بهذا الخيار إلا إن شبابنا لم يستطيعوا الفصل بين الاحترام والاقتداء، فالأهل برأيي لا يمكن أن يكونوا قدوة لجيل نأمل أن يكون نواة لمجتمع متطور متقدم.

أما بالنسبة لبعض الشباب الذين قالوا إن مثالهم وقدوتهم بعض الشخصيات العالمية، اكتشف فيما بعد أنها شخصيات دينية ترتبط بالموروث الثقافي والديني للمجتمع، الذي هو متأخر أصلاً ولا يملك أسس التقدم. فمن يريد أن يطور المجتمع أو الدولة فعليه أن يرسم طريقاً واضحاً، ويستفيد من تجارب الأمم التي سبقتنا. ولا أعتقد أن ذلك صعب بالنظر إلى بعض التجارب الرائعة.

أعتقد أن تفكير شبابنا أناني يفكر بتطوير ذاته بعيداً عن تطوير المجتمع، وهو أمر يضر الفرد والمجتمع على حد سواء. لذلك علينا أن نعمم ثقافة القدوة الحسنة التي تناسب الشباب في وقتنا الحالي، لا أن نجعلهم يجترون الماضي بحسناته وسيئاته. وهذا لا يمكن إلا بتفعيل النشاطات الإيجابية وفتح المجال أمام الشباب في الفن والثقافة والعلم بلا حدود.

العدد 1105 - 01/5/2024