قرار مجلس الأمن بإدانة الإرهاب في سورية خطوة أولى للإقرار بالدور الروسي

أرادت روسيا بحرص أن يقوم مجلس الأمن بإدانة العمليات الإرهابية في ساحة سعد الله الجابري بحلب. في البداية ظهر واضحاً (امتعاض) أو تردد الغرب من المبادرة الروسية. ويرجح أن لا يكون وراء الموقف الغربي ذاك، موافقة الدول الغربية على الإرهاب أو تشجيعها عليه، فإن ظهر الأمر كذلك لا يكون أبعد من تخبط سياسي في الموقف الغربي من الأزمة السورية الذي بُني بالأصل على خطأ الاعتقاد باقتراب نهاية النظام السوري، إنما هي الدول الغربية لا تريد أن تسلم بدور أي دور لروسيا في حل الأزمة، ويزعجها كثيراً أن ترى روسيا، الوحيدة القادرة على رسم خريطة طريق للحل.

طبعاً هذا لا يعني انفراد روسيا بالحل! بل تقديم خطة له قد ترضي جميع الأطراف، أو على الأقل تصون ماء الوجه. المعطيات الأولية الممكن استشفافها لما يمكن أن نسميه توجهات حل روسي، فيها الحكومة السورية.. وفيها المعارضات بأطيافها.. والولايات المتحدة والغرب عموماً.. وطبعاً روسيا والصين وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة. ذلك أن التوجهات الروسية تقر بدور الجميع لدعم حل سوري، في حين أن التوجهات الغربية تتجه لقسر الموقف الروسي ليكون في المحفظة الغربية العربية التي لا تحوي حكومة سورية أو روسيا أو الصين أو…. وبالتالي يمكن للتوجه الروسي أن يشكل قاعدة حقيقية لموقف دولي يضع خطة الحل.

لكن الولايات المتحدة والغرب عموماً أدانوا مراراً الموقف الروسي والأفكار الروسية لوضع خطة حل، و اتهموها بإفشال مجلس الأمن إلى درجة (الاشمئزاز)، و حاولوا أن يظهروا روسيا معارضاً ومعانداً للحل. وبالتالي:

إن الانصياع الغربي الأخير للمبادرة الروسية بإدانة الإرهاب الذي وقع في حلب هو إقرار صريح بالرؤية الروسية حول الأزمة السورية، رغم الطابع الفظ للجرائم الإرهابية التي يفترض أنها تتناقض كلياً مع المنطق السياسي الغربي، بغض النظر عن موقفنا من هذا الغرب وسياساته.

بصراحة كان للمواقف الغربية – وربما ما زال – ارتباط وثيق بقضية عودة روسيا لتتبوأ موقعاً جديداً، ربما ليس كقطب آخر يثني القطبية في العالم، بل كقطب يشارك في تعددية قطبية فيه. وإذ تستطيع الدبلوماسية الروسية في الأمم المتحدة أن تثني الدول الغربية عن المواقف التي اتخذتها دائماً من مبادرتها، فإن ذلك لا بد أن يشجع الدبلوماسية الروسية على مزيد من المبادرات لحل الأزمة السورية.

لا نستسهل القضية وهي بالغة التعقيد لكننا نرى – ونحسب الموضوعية في رؤيتنا – أن روسيا كانت دائماً الأكثر جدية في طرحها، و الأكثر إخلاصاً لحل ما ممكن.

 أخيراً نحن لا نتحدث عن حليف يدفع روحه من أجلنا، بل عن صديق يدافع عن مصلحته في صداقتنا. وهو صديق قوي وماهر رغم محاولات نشر ما يخالف ذلك. وحتى الآن نستطيع أن نقول: لم يكسب أحد من الذين راهنوا على ضعف المقدرة الروسية.

العدد 1104 - 24/4/2024