عندما يدير العيد وجهه عن الأطفال

لم يكن حلم الأطفال بالعيد هنا كحلمهم به قبل ثلاثة أعوام تقريباً، لم يستطيعوا عزف لحن الأمنيات جهراً ليحققها لهم والدهم، كما كان حالهم منذ زمن، فأبقوها مسجونة في أذهانهم، يمزجون أحلامهم بالخيال ليصنعوا لوحة من حلم الطفولة الذي يفترض به أن يتحقق في العيد ..

أهي ثياب العيد التي تحوي بداخلها أجمل الأفراح؟ أم لعبة جميلة يحملونها فتعمر عيونهم بالحب، ليذهبوا بها إلى مكان الأراجيح الخاصة بالعيد؟ أم تكون عيديّة العيد التي ستعزف في جيبهم المعزوفة الشهيرة للنقود المعدنية التي يحبذها الطفل أكثر من النقود الورقية، لحلاوة صوت خشخشتها، فصوتها عنده أجمل من خشخشة سوارين ذهبيين في اليد، هكذا قد يشبه الطفل عيديته عندما يتلقاها أول نهار العيد، هي نشوة العيد بالنسبة له..

أما الآن، في وضعنا الحالي فقد صُعقت أحلام الطفولة، وأخفى شبح العيد أحلامهم وأخفي فرحهم بقدوم العيد.

 (سمر) هي طفلة تجاوزت العشرة أعوام، تعيش مع أخويها الاثنين اللذين يكبرانها بثلاثة أعوام، أتى عليهم العيد وهم في مركز لإيواء المهجرين، ولم يستمر العيد عليهم لدقائق معدودة عندما قاموا كالعادة بتقبيل يدي والديهم عايدوهم وخيم الصمت لدقائق وهم يفكرون بالذي حدث معهم. وثم انتهى كل شيء ومعه العيد أيضاً، وتابع النهار سيره كالعادة.

 فقبل ثلاثة أعوام اعتادوا أن تكون ساعات الصباح الأولى في يوم العيد أحلى ساعات حياتهم، يلبسون ثيابهم الجديدة ويعايدون على والديهم، ومن ثم يعطونهم عيدية العيد ويأخذونهم مباشرة إلى مكان الألعاب والأراجيح، وأثناء ذلك تقوم  والدتهم بوضع حلويات العيد والمكسرات اللذيذة في جيوبهم أو في حقيبة سمر الصغيرة، كل هذا بقي حلماً لن يتحقق، وتبقى ساعات الصباح الأولى في العيد فارغة لا تحوي سوى الذكريات وألم البقاء من غير فرح العيد.

 في كثير من الأحيان يشعر الطفل بمعاناة والديه من غير أن يحكوا له، فيستطيع أن يعرف ما تخبئه السطور في مذكرات والديهم اليومية، فسمر وأخويها يعيشون في حالة حزن لفقدانهم أجمل أيام عامهم وهي أيام العيد، على عكس أقرانهم في الخارج، فهم يشترون ويلعبون ويمضون أوقات العيد بكل فرح، ألا يوجد حل لهذه المشكلة التي صرنا نشاهدها في كثير من العائلات، ونقرأ ألمها على وجوه الكثير من الأطفال في العيد؟!

 كم أرجو أن تعود بلادنا إلى أحسن مما كانت عليه، ونعود إلى حياتنا لعلّ العيد يطرق على بابنا.

العدد 1140 - 22/01/2025