خالد الهبر في ذكرى انطلاق «جمول»

استضاف الإعلامي زاهي وهبي، الفنان خالد الهبر، في برنامجه (بيت القصيد)، على قناة (الميادين)، في  ذكرى انطلاق (جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية).

رحّب وهبي بضيفه بمزيد من الخصوصية: الفنان المناضل، ورددها مع الوقفات الإعلانية. أراد لمعنى (جمول) ألا يحلّ بصمت، فاستعاد مع الهبر العلاقة بفلسطين ك (قضية)، وب(حماس) و(حزب الله) وسورية ك (ظهر) يحميها من (مؤامرات) الدول.

في البداية تمنّى وهبي أن تعلو شعلة المقاومة. تخلل الحديث قيمة الإنسان ككائن سياسي وظيفته قلب الأنظمة. لسنا من يسعى إلى لغة أيديولوجية بنيتها الرفض واتجاهها الحراك، فالحلقة أرادت ذلك. تطرّق الهبر إلى النظرية الماركسية فلسفياً، وبدأ يزيل الشبهات من حولها. ثمة ضبط للمصطلحات: (الديالكتيكية الماركسية تحمل بذور تجددها من خلال المادية التاريخية). بدا الكلام تمهيداً لمحاضرة عن أصول الماركسية، قد لا تشكّل إضافة (ثقافية) للمُشاهد (العادي) الذي يرى اليسار في أغنية (صيري إنت الجماهير والفئات الشعبية)، مثلاً.

قد تكتسب رؤية تخوّلك إدراك شؤون الآخر، وإن جاءت الألسنة بغير مضامين الداخل. يستعدّ وهبي لما من شأنه تزويد المُشاهد بمادة راقية، متجنباً سطحية السؤال والموقف. يصغي والإصغاء تكريم للضيف، فيما بعضهم يقاطع بعشوائية لزجّ نفسه في السياق. يؤخذ عليه تدخّله في اجابات ضيفه بصفته (مناضلاً). ترك العين ترميه بالتحوّل من الإعلامي إلى المشارك في (الجبهة). وبينما حقبة الثمانينيات تتراءى للهبر حاضراً لا يأفل، تغلّبت الحماسة على وهبي، فبدا أقل إقناعاً في طرح الأسئلة.

لكأنه سأل ضيفه عما إذا كانت فلسطين لا تزال جامعة، من أجل هذه الإجابة: (يريدوننا أن ننسى فلسطين). كلاهما يبعث على الهيبة، وإن بقيت أرضية الحديث ما يردده أنصار (الممانعة) في كل مناسبة: (الحرب الكونية). بدا لقاء الرجلين فرصة للتذكير بالهوية. ملف اللاجئين السوريين طرف في (القضية)، فألمح الهبر إلى (العنصرية) اللبنانية، وجاراه وهبي. في كل مرة نستعيد التاريخ من باب الحروب: (السوريون حضنوا اللبنانيين في حرب ال،2006 والحروب الأخرى).

الذاكرة ما يحلو لنا اختياره

يحضر مَن لا يكتمل اللقاء إن غابوا. قيلت في الهبر شهادات مصوّرة: الناقد إسكندر حبش، والفنان سامي حوّاط، والموسيقي ريَّان الهبر، ابنه. استعادوا فيه مشروعاً للوعي السياسي لدى الجماهير، وإيماناً بمبادئ تكلّف غالياً. وثمة من استُدعي لتكتمل الصورة: الشاعر محمود درويش، والفنان أحمد قعبور والفنان مارسيل خليفة… عن الأخير، قال الهبر إنه يهوى العتاب. قاطع وهبي: (دائماً بعاتبني إلي وبكون الحق عليه!) لعل ظنون المُشاهد تولّد ما ليس في الحسبان. وهبي ليس ممن يعرضون شبكة العلاقات القوية، و(الانزلاق) إلى الأنا في علاقته مع خليفة، عادة لا تليق بإعلامي ذي خلفية شعرية. ارتسم الحوار وفق البنية (العاطفية)، ومحاولات وهبي التمسّك بالضرورة النقدية اعتراها الضعف، فبدت (واجباً) من واجبات الرأي والرأي المقابل.

أحادية الاتجاه إن لم تسطّح الطرح، فذلك ذكاء. شكّل (نجاح النظرية وفشل التجربة) امتداداً محورياً. لم يفت الهبر انتقاد من كان شيوعياً ثم التحق ب (اليسار الديموقراطي) والكتائب، مساوياً بين (الشيوعية والمسيحية، مع فارق في النظرة إلى الآخرة). من شأن السؤال عن (فلسفة) الآخرة أن يُخرج الوقت من حدّته. وهبي لم يكن (قنّاصاً) هذه المرة. اكتفى بالأسئلة الجاهزة.

العدد 1105 - 01/5/2024