صيدنايا ستذكرك يا أحمد!

صيدنايا الحزينة ستذكرك يا أحمد، ستذكر ضيفها الرائع أحمد فؤاد نجم ليلة احتفالها بالذكرى الخامسة والثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي السوري، وستذكر كم غنينا ورقصنا ودبكنا حتى ساعة متأخرة من لياليها الجميلة، في حفل ضم عدداً من الرفاق والأصدقاء، شباباً وشيوخاً، نساء وصبايا، مسلمين ومسيحيين، شيوعيين وقوميين وبعثيين ومستقلين.

انتشينا آنذاك بأشعارك وأنت تمجّد سورية وشعبها، وصيدنايا وأهلها، وطارت قلوبنا فرحاً ونحن نراك يا ابن الثمانين تدبك وترقص، تقاسمنا فرحتنا بعيد حزبنا، وتشاركنا حلمنا بعالم أفضل وبلد أجمل. كان هذا منذ سنوات أربع، ولم نعرف وقتئذ ما تخبئه الأقدار لنا، ولوطننا، واليوم لا رقص ولا غناء ولا أشعار، فالحزن يلف الوطن، كل الوطن، وصيدنايا حزينة يا أحمد، سورية جريحة يا أحمد، لقد تكالب عليها المتآمرون، وخربوا ودمروا كل جميل فيها، قتلوا العلماء والأدباء والشعراء، اغتصبوا النساء، حرقوا المساجد والكنائس، قطعوا رأس أبو العلاء، وكسروا نصب الرشيد وحطموا تمثال الفراتي. قذيفة هاون هنا، وتفجير سيارة هناك، اغتيالات وخطف ونهب وسلب، وتقطيع بالسيوف، دمروا الشجر والحجر، يريدون قتل الشام، ذبح الشام.

حالة لا أعرف ماذا أسميها وكيف أصفها لك يا أحمد، فلا توجد في كل القواميس كلمات تستطيع التعبير عما يحدث في بلدنا، مهد الحضارة والأديان وتاريخ الإنسان، في بلد المحبة والإخاء، في البلد الذي أحب الجميع واحتضن الجميع، في البلد الذي اجتمعت فيه كل المذاهب والطوائف، في بلد الياسمين والريحان، والشعر والحور.

ماذا أقول لك غير كلمة وداعاً يا شاعر الفقراء! لقد خسرناك، خسرتك ساحة الأدب، وخسرتك مصر بل كل العرب.

وداعاً يا من عشت حياتك مناضلاً مكافحاً من أجل الحرية والكرامة والعدالة، من أجل الأخوّة والمحبة، من أجل الإنسان!

معذرة يا أحمد، إن لم نبكك كما تستحق، ونحزن عليك بما تستحق، فلم يعد في العين دمع ولا للحزن في القلب مكان!

العدد 1105 - 01/5/2024