«من روسيا مع الحب».. معرض رسم لأطفال روسيا في دمشق

بالتعاون بين الحزب الشيوعي السوري الموحد ومدارس الفنون لأطفال روسيا، افتتح يوم الاثنين 28 نيسان 2014 معرض (مع الحب من روسيا) بحضور الرفيق حنين نمر الأمين العام للحزب وعدد من أعضاء المكتب السياسي وعدد من أعضاء اتحاد الشباب الديمقراطي السوري، وعدد من أعضاء الحزب وأصدقائه.

وقد افتتح المعرض بالوقوف دقيقة صمت تقديراً لأرواح شهداء الوطن، تلا ذلك إلقاء عدد من الكلمات التي أكدت عمق العلاقات بين الشعبين السوري والروسي، استهلتها منسقة المعرض السيدة نتاليا قارصلي بالقول: أنا مواطنة روسية سورية أعيش في سورية الجميلة منذ زمن طويل، وقد شاهدت ما يحدث في سورية بسبب الأزمة الراهنة، فعملت على نقل هذه الصورة المؤلمة إلى بلدي وأصدقائي في روسيا. وعن بداية فكرة المعرض أشارت إلى أن رسالة وصلتها من أطفال مدرسة بيسلان، يبدون فيها رغبتهم بمؤازرة أترابهم من السوريين، لأنهم مازالوا يذكرون الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له مدرستهم عام ،2004 وذلك في رسالة تبين أن الإنسان قادر على الإبداع، وهو يجبر على التخريب.

وعن مصير اللوحات بعد انتهاء المعرض، قالت قارصلي: إنها ستقدم لمدارس أبناء الشهداء، عربون محبة ودعم من أطفال روسيا لأطفال سورية ومشاركتهم في محنتهم التي يعانون منها.

وبيّن باسل الجاجة رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي في سورية إنه ليس بغريب أن يقوم الشعب الروسي الصديق بهذه المبادرة التي تعكس عمق العلاقات بين البلدين والشعبين السوري والروسي، مشيراً أن العلاقات بين البلدين قديمة ومتجذرة، وهي تزداد قوة يوماً تلو الآخر، وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها المنطقة العربية والعالم أجمع.

وأشار الجاجة أن معرض (مع الحب من روسيا)  زار أكثر من 70 دولة حول العالم قبل أن يحط رحاله في دمشق.

كما قدم عدد من أطفال روسيا كلمات عبروا فيها عن تضامنهم مع أطفال سورية ووقوفهم معهم في معاناتهم، ووجهوا في رسائلهم كلمات محبة وأمل إلى أطفال سورية، ومنهم طالب الصف السابع فلاديسلاف جدانوف الذي قال: (..آمل أن الحرب في سورية ستنتهي قريباً.. لا تفقدوا إيمانكم.. وليكن لديكم الأمل دائماً).

وقالت الطفلة كوكويفا مارينا ذات الثلاث عشرة سنة: (نحن هنا في مدرستنا الفنية للصغار.. ندعمكم جداً ونتمنى لكم السلام والصبر.. وأنا أتمنى أن تنتهي الحرب في بلادكم وأن تعيشوا بسلام وهدوء)، وأضافت: (نحن لا نعترض لئلا يفهم اعتراضنا على أنه دعوة للعنف، نحن نقاسمكم حبنا للحياة والجمال، بلوحاتنا التي أرسلناها إليكم).

أما الطفلة يفاشينكو أناستاسيا ذات الأربع عشرة سنة فقالت في رسالة إلى أطفال سورية: (إني أعرف أن كل شيء سيصبح بخير.. ستنتهي الدموع وينتهي الحزن.. ولكن إياكم أن تنسوا شيئاً واحداً: يوجد بسمة في كل زاوية من الكون.. أنا أريد أن يوجد بسمة على وجوهكم دائماً).

يذكر أن المعرض استمر ثلاثة أيام (28-30 نيسان 2014) في مركز الأنشطة النقابية (النادي العمالي)، وتضمن قرابة ستين لوحة، حملت أحلام الأطفال وأمانيهم بعالم ملؤه الأمن والسلام، وقد زار المعرض ممثلون عن عدد من الأحزاب والهيئات الرسمية وممثلون عن الوزارات..

معرض (من روسيا مع الحب) هو نتاج جهد أطفال مجموعة من المدارس الفنية في روسيا الاتحادية، هي: مدرسة أطفال روسيا أسيتا (ألانيا الشمالية)، ومدرسة الفنون للأطفال تافاسيف (فلاديقفقا)، وأطفال مدرسة فنون مدينة بيسلان، ومن أطفال المدرسة الأرثوذكسية التابعة لدير أندري، كما نفّذت اللوحات والرسوم بأساليب رسم مختلفة جسدت خطوطها وألوانها مفهوم التضامن الإنساني، بوقوف طفل من بلد آخر شعر بواقع أطفالنا ومرارة حياتهم في كنف أزمة كان الأطفال والنساء وما يزالون من أكثر المتضررين بها.

ــ تحدث القائد باسم شباط من كشاف سورية:

هذا المعرض وهذا التواصل رائع في رسالته الإنسانية. استطعتم جلب اهتمام الأطفال بشكل واسع وتستحقون كل التقدير. ونحن نأمل التعاون معكم مستقبلاً.

وتحدث المهندس أسعد بركة (من الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية وعضو اللجنة الإدارية):

هذا المعرض برسالته الإنسانية من أطفال روسيا الصديقة إلى أطفال سورية يستحق كل التقدير. ونشاطكم المرافق من خلال هذا التواصل مع أطفال مراكز الإيواء القريبة رائع بكل المقاييس، وتمنى لو استطاع إحضار طلابه المقيمين في النبك لزيارة المعرض.

أما الرسام والنحات الكبير الأستاذ مصطفى علي، فقد أعرب عن إعجابه بالمعرض والمستوى الرفيع للرسوم المعبرة والرسالة الإنسانية لهذا المعرض. واحترامه للأنشطة المرافقة.

وعند الإعلان عن انتهاء المعرض أبدى الأطفال امتعاضهم الشديد. وأعربت إحدى الطفلات عن رفضها لفكرة انتهاء المعرض وانتهاء الفرح بالخروج من حلقة الألعاب الجماعية، وانزوت تحت إحدى الشجيرات بحالة غضب شديد وكأن لسان حالها يقول: عاد الحزن، وانتهى الحلم!

أما لحظة وداع الأطفال للمشرفين على الألعاب (يونس ـ سوزان ـ ديمة ـ دانية). فكانت لحظة لا تنسى، بكاء وقُبل من باب المعهد إلى رأس الشارع مع المطالبة والرجاء بالعودة.

وأمسك الأطفال بثياب المشرفين لا يتمنون تركهم ـ كما قام بعض الأطفال بدعوة مشرفي الألعاب إلى بيوتهم لتعريفهم على أهلهم. وقد ساهم في هذه الأجواء تجاوب إدارة المعهد النقابي بشكل رائع وتستحق كل الشكر، لقد امتزجت دموع الفرح والسعادة، وحاول الجميع من الأهل والمشرفين على المعرض وإدارة معهد عدم إظهارها إلا أن تكون سمة كل من رأى رد فعل الأطفال مع التواصل الرائع وحالة الفرح والعفوية التي وصل إليها الأطفال بهذا النشاط الذي أعاد إليهم طفولتهم.

كانت لحظة وكأن الزمن عاد بهم أربع سنوات إلى الوراء. ولكن نهاية المعرض ونهاية الفرح المرافق لنشاطاتهم أعادهم مجدداً إلى الحقيقة المؤلمة. وهذا ما عبرت عنه تلك الطفلة التي تركت المجموعة وانزوت مع نفسها تحاول أن تجد شيئاً في التراب، ربما زهرة أمل جديدة نسي أن يقتلها أحدهم.

 

شهد المعرض زيارات مهمة بأعداد كبيرة على مدى اليومين الأخيرين.

فقد زارته وفود متعددة من مدارس بنات وأبناء الشهداء، إضافة إلى أعداد كبيرة من أطفال مراكز الإيواء القريبة من مكان العرض ـ مع أهلهم وتفاعل الأطفال مع الأعمال المعروضة، محاولين إظهار إمكاناتهم وعرض  على الحضور. وهذا ناتج عن جهد كبير قام به اتحاد الشباب الديمقراطي في دمشق لكسر حاجز الغربة الذي يعيش أطفال تلك المراكز، بالتواصل معهم واللعب معهم، واسترجاع الأغاني وألعاب الطفولة التي أبعدتهم الأزمة عنها أو أنستهم إياها.

وكانت فرحتهم لا توصف بتفاعلهم مع من أعاد لهم طفولتهم، ولعبوا معهم ألعابهم وغنوا معهم أغانيهم. وقدمت أغان والعاب من أكثر من محافظة تفاعل معها الجميع بفرح.

بينما وقف الأهل والمشرفون على المعرض ينظرون إلى الأطفال وإلى مفرداتهم الطفولية الطبيعية التي أنستهم الحرب جزءاً كبيراً منها، ودموع الفرح في عيونهم.

طالب الأطفال بالمزيد. والأهل فعلوا ذلك وطالبوا بالمزيد من النشاطات واللقاءات وأبدوا استعدادهم بالمساهمة بالشكل المناسب.

قال لي أحد أولياء الأطفال ووالدته: لقد أعدتم الفرح لأطفالنا، أعدتم البسمة لهم، بعد أن نسوها على مدى أربع سنوات، أعدتم لهم مفرداتهم اللغوية الطفولية.

كما قال أحد الأولياء (ويعمل مخرج رسوم متحركة): أعدتم البسمة لأطفالنا ونقلتموهم من حالة الشعور بالتشرد إلى الحالة الطبيعية المناسبة لهم.

وأحضر عدداً من رسوم أبنائه، وصوراً موجودة على هاتفه وعرضها على بعض الحضور وذلك بحضور ابنه. مؤكداً أننا نملك طاقات ومواهب لدى أطفالنا لا تقل في مستواها عن مستوى أطفال أي دولة أوربية ذات إمكانات تفوقنا تكنولوجياً ومعرفياً.

وتابع: حبذا لو تواصلتم بشكل دائم مع أطفال مراكز الإيواء لوجدتم من المواهب الشيء الكثير ـ فأطفالنا متعطشون لأمثالكم ولمن يستطيع أن يعيد إليهم طفولتهم. مع التأكيد أنه من المفيد لهؤلاء إقامة معرض لرسومهم وعرض أعمالهم على الجمهور.

العدد 1107 - 22/5/2024