الصحوة السعودية وخفاياها!

بعد ثلاث سنوات من الغياب خارج الأراضي اللبنانية، عاد سعد الحريري إلى بيروت عن طريق مطار بيروت، ولا من بوابة دمشق، كما صرح منذ سنتين ونصف، ويبدو أنه مل الانتظار بعد أن خاب أمله وأمل أسياده.

لقد أرسله السعوديين محملاً بمليار دولار، قيل إعلامياً إنها معونة إلى الجيش اللبناني من الملك عبد الله؟ ولكن السؤال الكبير الذي يطرح: هل صحيح أن السعودية جادة بدعم الجيش اللبناني؟ فهذه الهبة ربما ستتبخر كسابقتها (الثلاثة مليارات دولار) التي قدمت منحة لشراء السلاح وتعزيز قدرات الجيش اللبناني. ولو فعلاً قدمت هذه المبالغ إلى الجيش اللبناني سيكون بعدها من أقوى جيوش العالم عتاداً وإمكانات، وقدرة قتالية. ولكن هل فعلاً سيتم تعزيز قدرات الجيش اللبناني بالأسلحة الحديثة والتكنولوجيا العسكرية والحربية والطائرات؟ وهل تسمح إسرائيل وأمريكا بذلك؟ أما مجرد زرع الرمل في العيون والهرطقة الإعلامية فهدفها صرف هذه الأموال على فريق المستقبل وتمويل داعش والنصرة والمنظمات الإرهابية في طرابلس وعرسال! وماهذه الصحوة المفاجئة للسعوديين بتعزيز إمكانات الجيش اللبناني وتطويرها لتمكنه من الدفاع عن الأرض اللبنانية والشعب اللبناني ضد الإرهاب؟

هذه أكبر فصول الكذب والنفاق السياسي.. وهل الاستهتار بالشعوب والتقلبات في المواقف سينسي مافعله السعوديون من دعم للإرهاب، مع العلم أن داعش صنيعة الأمريكان، وتموّل مادياً وعسكرياً وتدريبياً وقيادتها من السعوديين والأتراك.. ودخولها إلى عرسال بموافقة سعودية.. ومايعانيه الشعب السوري على مدى ثلاثة أعوام، من قتل وتدمير وقطع رؤوس وأكل قلوب واستخدام النساء كسبايا وترويع السكان وتهجيرهم وسرقة معامل سورية ونفطها، إلا بدعم وتكتيك ممنهج ومنظم من السعوديين والأتراك والقطريين والأمريكان وبعض الدول الغربية. لقد مر لبنان وجيش لبنان بظروف أصعب من اليوم، أثناء الإرهاب الممنهج الذي تعرض له، والذي أدى إلى تدمير مخيم نهر البارد في بيروت؟ كذلك أثناء الاعتداء الإسرائيلي عام 2006 على لبنان؟ لابل كان السعوديون من المشجعين والداعمين للعدوان الإسرائيلي على لبنان، لتصفية المقاومة والجيش اللبناني، وكانت مواقفهم منسجمة مع الموقف الإسرائيلي والأمريكي وموقف تيار المستقبل وفريق 14 آذار، ومطالبة الأمريكان والإسرائيليين بتدمير المقاومة ونزع سلاحها. وفي الوقت نفسه تعرضت وتتعرض غزة لأخطر وأبشع عدوان إرهابي منظم ولهمجية ووحشية وعمليات إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، رغم صمت المجتمع الدولي والعربي والإسلامي، ولم نرَ الصحوة السعودية تتحرك تجاه تقتيل وتدمير غزة وشعبها، لا اليوم، ولا في عدوان 2012 ولا في عدوان ،2008 مع العلم أن حماس هو تنظيم للإخوان المسلمين في غزة!

لقد أدرك الشعب اللبناني أن هذه الهبات المشروطة والموجهة لاتعتبر إلا دليلاً على الرغبة بتكبيل نشاط الجيش اللبناني وحركته، وضرب صموده ومقاومته البطلة، وقدرته في القضاء على الإرهاب بكل أنواعه، وحماية البلدات والقرى والمدن اللبنانية وتطهيرها من كل فلول الإرهاب الذي دخل لبنان بمظلة المهجرين السوريين والبيئة الحاضنة لبعض ضعيفي النفوس في لبنان وخاصة عرسال.

إلا أن الوقفة الوطنية الصادقة للشرائح الوطنية والمخلصة من الشعب اللبناني، وبتكاتف أحزابه ومنظماته وجمعياته الوطنية من كل التيارات والطوائف بالتطويع وجمع التبرعات، والبدء بورشة واسعة من التضامن وجمع التبرعات لدعم الجيش اللبناني، وإعطاء الغطاء السياسي له والوقوف خلفه، لهو من أولى الخطوات والدوافع للصمود والتحرك الشعبي ضد المجموعات المسلحة الإرهابية.

العدد 1107 - 22/5/2024