التحالف الأمريكي والثمن الذي سيدفع

أطل علينا جون كيري بقصة جديدة وأعاد الأسطوانة التي تستعمل مثل (موال الشيطان)، بأن سورية انتهكت الاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بالسلاح الكيماوي، ووراء هذا الاتهام حتماً محاولة لتمرير أمر ما، أو المقايضة على عمل تريد تنفيذه أمريكا حسب مخططاتها الجهنمية التي فشلت هنا، بفضل فشل معلوماتي واستخباراتي هناك. واليوم تحاول تمرير حملة إعلامية لدرجة الهرطقة فيما يتعلق بضرب (داعش) في سورية، مع العلم أنه أصبح واضحاً للملأ بأن أمريكا والغرب وقطر والسعودية والعثماني أردوغان لايريدون القضاء على داعش، وإنما تحجيمها في العراق وابتعادها عن الخطوط الحمراء في منطقة كردستان، حيث الاستثمارات الأمريكية والغربية هذا أولاً، وثانياً لكل دولة هدفها وأجندتها الخاصة فيما يتعلق بداعش والإرهاب في سورية، لأن النفط والغاز السوري والعراقي الواقع في منطقة الموصل يباع من قبل داعش إلى التجار الأتراك والأمريكان بما يعادل 25 دولاراً للبرميل الواحد، والشركات التركية الأمريكية المشتركة تبيعه بأربعة أضعاف على الأقل، بما يعادل 115 دولاراً، فكيف تريد من دولة تحكمها الاحتكارات النفطية والمقربون من صنع القرار، فمثلاً ابن أردوغان من الجانب التركي يشتري النفط والغاز السوري والعراقي بالاشتراك مع تجار الاحتكار الأمريكي. وكيف تطلب من هؤلاء تجار الحرب أن يجففوا منابع الثروة التي تعود عليهم بملايين الدولارات يومياً.

وثالثاً، كيف يمكن أن يصدق عاقل أن الدول، وعلى رأسها أمريكا والخليج والغرب وتركيا، تسعى إلى محاربة الإرهاب، وهي التي موّلته وأنشأته وسلحته ودربته، وماتزال إلى يومنا هذا، بكل وقاحة سافرة، تقرر تدريب المعارضة المسلحة السورية (المعتدلة) في السعودية؟ وعن أي معارضة مسلحة معتدلة يقصدون؟ لأنه لايوجد على الساحة غير داعش والنصرة وأخواتها التابعين لهم، أم أنهم سيأتون لنا بعناصر إرهابية مسلحة من الخارج تحت مسمى معتدلة؟ ومامعنى الاعتدال في القاموس الأمريكي؟

إن ماقامت به أمريكا وفرنسا مع السعودية وقطر وتركيا من تضخيم لما يسمى (التحالف ضد داعش)، في العراق وما يصرح به على العديد من محطات التلفزة من أن هذا التحالف (سيقوم بشن ضربات على داعش في سورية دون التنسيق مع الدولة السورية)..

إن هذه الهرطقة السياسية لاتمت إلى الواقع بصلة وهي بعيدة عن المواقع اللوجستية، لأن على من يريد القضاء على داعش وجذور الإرهاب، أولاً أن يضغط على الدول التي دعمت وتدعم الإرهاب، وتؤمن له المواقع والطرق اللوجستية للعبور إلى سورية والعراق. وعليه التنسيق الجدي مع الدول التي عانت من الإرهاب على أراضيها، وفي طليعة هذه الدول سورية والعراق ولبنان، وعدم استبعاد دول الجوار مثل إيران والدول الكبرى مثل روسيا والصين، وتحت مظلة مجلس الأمن والأمم المتحدة، وكل مشروع غير ذلك يعتبر تضليلاً للرأي العام وللشعوب وإطالة عمر الأزمة والدخول بحرب استنزاف طويلة هدفها إضعاف الدولة السورية وتدميرها.

العدد 1105 - 01/5/2024