أصبح الحلّ بنفسه مشكلة!!

ولّدت الأزمة السوريّة لشعبنا من المشاكل ما هبَّ و دبّ!

فأصبح شعارنا اليوم

(وراء الأزمة السوريّة العظيمة، مشاكل أعظم!!)

تغلغل هذا الوباء بين بيوتنا إلى أن انشطر الشعب السوري نصفين بدايةً..

و دام التشاطر إلى أن تفتّتت معنوياتنا!

بدا العالم أبشع، وبدت البيوت مظلمة حتّى في اللحظات الضئيلة التي تمنّ علينا فيها الكهرباء، يسود الظلام كلّ البيوت!

يسود الظلام كلّ القلوب!!

تفرّعت نطاف الأزمة في كلّ شارع سوري.. نسجت مع تخلّفنا وباءً أرعن يميتنا موتاً بطيئاً..!

في بداية الأمر التهم الحدث ألسنة العامة، وتطايرت الكلمات والتعابير سلباً وإيجاباً، هنا وهناك!

إلى أن اعتاد الناس ما يحدث، وبدؤوا يتعاملون معه على أنّه أمر واقع يجب التعايش معه.

انتهز التّجار فرصتهم واستغلّوا الوضع، وضيّقوا على أنفاس معظم الشعب السّوري،

فالأزمة السورية زادت الفقير إفلاساً، و ضاعفت الغنيّ ربحاً!

شاءت الأزمة أن تحدث خللاً كبيراً في كلّ بيت سوريّ.

لم يعد الوضع كما كان!

لمجرّد أنّك متعب نفسياً بسبب ما يحدث، سيسوء الوضع تلقائياً في أسرتك، ستتعجّب بصفتك ربّ البيت لمناوشات أولادك الذين يتحيّز كلّ منهم لموقف سياسي ضدّ الآخر إزاء الأزمة! ستلمح انكساراً ما بينك و بين زوجتك لأنه لم يعد باستطاعتكما السيطرة على الوضع!

فقد لعبت السياسة لعبتها حتى داخل أثاث المنزل!! و ساهم سوء المعيشة الذي تولّده الحرب، والقصور الماديّ الذي حدث باضمحلال السلام النفسي داخل الأسرة، والدخل لم يعد يوازن كفّة ميزان الاحتياجات! و القائل بأنّ المال ليس كلّ شيء، هو أحمق، لأنه لم يرَ البيت السوريّ بعد الأزمة في ظلّ النّهب الجماعي للمال و للراحة!

بات البيت السوري أسوأ من ذي قبل يعاني فيه المرء بتشتت مع نفسه قبل غيره!

غير أننا لم نكن نتوقع ذاك التفارق بعدما كانت تجمعنا كلمة (سوري) أصبحت تفرّقنا كلمة (طائفة)!

كانت المصيبة الأولى أننا أمسينا حذرين في تعاملاتنا مع النّوع الآخر من الدّين أو الطائفة الأخرى.

أما المصيبة الأكبر فهي أن تلك النزعة الطائفية دخلت إلى قلب عائلة توحّد فيها دينان واعتقادان!

واجتمعوا كلهم بتقليدٍ ودينٍ مشترك وربٍّ مشترك..

فصاروا اليوم يعانون من تلويث كلّ منهم لديه الآخر، حسب المعتقدات الجديدة بعد الحرب!!

لم يؤدّ هذا إلاّ لخللٍ كبير وفجوات كبرت في الأسر منذ العام الأوّل للأزمة.

تزور المحكمة اليوم، فينعصر قلبك قهراً على ما ولّدته الأزمة من تشتتات أسرية، على ما خلقته لكلٍّ من الزوجين من أطباع جديدة ومفاهيم جديدة، وحتى مفردات وأساليب غير معتادة! ساهمت بالدّرجة الأولى في ضآلة التفاهم بينهما، ولم يعد أي نقاش يتحدثان به يؤدي إلى أي مكان!!

لاقى الانفصال رواجاً كبيراً، و اعتُبر الحلّ الأسلم بعدما كان الناس يخافون اجتماعياً من قرار كهذا.

بعدما كان الرجل يخاف على مستقبل أطفاله النفسي والحياتي دون رعاية أمهم،

بعدما كانت المرأة ومازالت تخاف من نظرة المجتمع إليهما إذا ما أصبحت أرملة! وباتت هدف كلّ رجلٍ عرف بقصّتها!! غير أنه ليس بالأمر الهيّن على أسرتها التي ستعود إليها باسمٍ آخر وبحالة أخرى!

ستصبح عليهم عبئاً من نوع آخر اجتماعياً ومادياً..!!

ستتحمل تلك المرأة كلّ هذا الظلم لتأخذ قرار الطلاق لأنها اعتبرته ظلماً أرأف بحالها من ظلمها بحياته معه!

أضافت الحرب إلى قواعد البيت الرخوة انهداماً والصلبة ارتخاءً..

وأصبح الطلاق هو الحلّ السلميّ الوحيد إذا ما بات موضة العصر!!

العدد 1105 - 01/5/2024