الفنان أحمد عبد الحميد.. يعيد إحياء الأصالة..!

عندما تزوره في منزله يتلفت انتباهك ولعه بالتراث واهتمامه بالورود وبالطبع لا يمكننا أن نغفل العود.. نعم عوده الذي يصرّ الفنان احمد عبد الحميد على ان يرافقه في حلّه وترحاله.. في منزله العامر بالطرب والموسيقا والأصالة والحب التقت جريدة (النور) الفنان أحمد عبد الحميد الذي حدثنا عن بداياته وعن همومه وقلقه مما يتعرض له الفن هذه الأيام.

عن بداياته يقول إنه تربّى في بيت يعشق الطرب الأصيل، وكان له أخ – رحمه الله – أتقن العزف على العود، ومن خلال تردّد بعض الأساتذه إلى البيت تأثّر الفنان أحمد عبد الحميد بالفن، ولم يجد مناصاً من الدخول في معتركه، فكانت البداية من سورية، من محافظة طرطوس تحديداً. بدأ مشواره وعشقه للفن الأصيل. طبعاً معظم أفراد العائلة يملكون أصوات جميلة حتى والده له صوت جميل. وهنا يستذكر الفنان أحمد عبد الحميد المرحوم الأستاذ محمود الحاجي بكثير من الاحترام، إذ كان له الفضل في إعطائه أصول الفن الى أن انطلق من طرطوس إلى دمشق، ثم غنى في الإذاعة، وهكذا وضع قدمه على الدرجة الأولى في سلّم الفن.

إن المتابع لأعمال الفنان احمد عبد الحميد وأرشيفه الضخم من اللقاءات الصحفية والمقابلات والحفلات يلاحظ اهتمامه بالأغاني التراثية والأصيلة، لدرجة أن بعض الصحافة العربية أطلقت عليه مطرب أيام زمان، وهذا ليس بالغريب، فهو الذي تربى على هذا الفن، وبعد أن أصبح يقدّم حفلات في سوريا وخارج سورية أعجب بفن عبد الوهاب وسيد درويش وفريد الأطرش وأم كلثوم وعبد الحليم والفنان الكبير كارم محمود، فسمعه الكثير من الفنانين والأدباء والنقاد وكان رأيهم أنه من المفروض أن يغني بصوته أغاني الزمن الجميل، لأن صوته يشبه أصوات فناني ذلك الزمن، خاصة الفنان الراحل كارم محمود، من هنا أطلق عليه المختصون بعالم الفن (مطرب أيام زمان)، وربما كان للعود أثر في ذلك، فالعود يرافقه بشكل دائم كما ذكرنا، ويحاول أن يحفظ التراث السوري والعربي ويحافظ عليه، منوّهاً إلى انه يحب أن يكون ضمن هذا النطاق لأنه نطاق تربوي وأخلاقي في الأول والأخير وهذا فن مستمر حتى اليوم رغم غياب أصحابه، ونحن نعتز بتراثنا العربي لأنه مفعم بتاريخ مشرف وأصيل.

وفيما يتعلق بأغاني هذه الأيام يقول: إن آخر العمالقة غاب منذ عقود، أمثال عبد الحليم حافظ وفريد وأم كلثوم وغيرهم، لكنهم مازالوا مسيطرين حتى الآن رغم غيابهم. اليوم نسمع الأغاني الشبابية، وبرأيه الشخصي هناك خطأ في تسميتها شبابية لأنها تسمية لشخص لا يملك القدرة على أن يعطي طرباً أو يعطي فناً أصيلاً، فالمرحوم عبد الحليم عاش شباباً وغنى شباباً ومازال المبدع الأول، فهو نجم الشباب حتى اليوم رغم غيابه. يضيف الفنان أحمد بأن الفضائيات اليوم هي في المقام الأول تجاريه وترغب بالربح والكسب السريع، وهذا همها الأول، ولا يهمها جودة ما تقدمه، فنحن نلاحظ حالياً أن الفن غني مادياً وفقير فنياً.. الفن أصيب بنوائب عديدة، ومن المفروض أن نعود إلى الماضي لنكتشف كيف نعالجها. اليوم نرى أن هناك هبوطاً في مستوى الفن.. نحن شرقيون فكيف لا نطرب لأغنية أم كلثوم او فيروز أو وديع الصافي أو فنان العرب محمد عبده الذي أحترمه كثيراً لأنه يحترم فنه ويقدره فالأغنية القديمة والتراثية باقية رغم غزو الفضائيات، وستبقى الكلمة العربية والأصالة العربية مهما مرّ عليها الزمن لأنها جزء من قوميتنا التي يحاول البعض ان يمحوها من خلال الغزوات المتلاحقة.

وعن علاقته بالعود يتحدث الفنان أحمد عبد الحميد، فيقول بأنه رُبّيَ على سماع هذه الآلة وأعجب بفريد الأطرش والطريقة التي يعزف بها وأيضاً رياض السنباطي والفنان أحمد فتحي وغيرهم من الفنانين، والعود جزء من التراث العربي الأصيل فهو جزء من هذا التراث.. والعود يعطيه القوة لأنه يعتبره جزءاً منه.

وعن كيفية لقائه بالفنان كارم محمود يقول: أحببت هذا الفنان، وتمنيت أن التقي به، لكن لم تتحقق أمنيتي حتى عام ،1992 عندما قرأت إعلاناً في إحدى ساحات دمشق يتحدث عن حفلة قريبة للفنان كارم محمود في سورية، وعندما حان الموعد قررتُ أن التقي به، وكان يومها متواجداً في أحد الفنادق، فذهبت إليه مع احد الصحفيين.. تعرفت عليه وسمع صوتي وشجعني، وكان لي الشرف أنني تعرفت على فنان كبير بحجم كارم محمود، وبقينا على تواصل دائم إلى أن توفي رحمه الله.

وفيما يتعلق بالفن في ظل ما نتعرّض له يؤكد الفنان احمد عبد الحميد أن الفن هو رسالة إنسانية سامية لا يمكن لصاحبها أن ينحدر إلى أعمال إجرامية كالتي نراها اليوم.. الفن ثقافة ومن الضروري تعزيز دور هذه الثقافة.

العدد 1105 - 01/5/2024