قراءة في جريمة باريس: ما بين الإسلام والإسلاموفوبيا

الإرهابيون القتلة هم المسؤولون أولاً عن جريمة قتل الصحفيين في باريس وليس الإسلام. ففي الولايات المتحدة جرت عشرات الجرائم البشعة بالطريقة نفسها، رشاش أوتوماتيكي وقتل جماعي، واتهم المنفذ فقط بأنه إرهابي وليس ديانته أياً كانت.

أما الإعلام الإسرائيلي فسارع للذكر أن أحد الضحايا هو رسام يهودي، وأغفَل حقيقة أن ضحيةً أخرى وهو الشرطي هو مسلم.

إن ما نشرته مجلة الرسومات الكاريكاتورية التي نُفذت فيها الجريمة لا يدخل في باب حرية الرأي المقبولة، وإنما هو تحريض على الأديان والرموز الدينية (لجميع الأديان)، وبالرغم من ذلك فمواجهة ذلك لا تتم بالقتل والعنف والإرهاب، هذا كريه ومرفوض أخلاقياً ودينياً ومبدئياً.

لقد تزامنت الجريمة مع رسومات تسيء لداعش والبغدادي، وليس مع الإساءة الحقيرة للرسول الكريم والتي حصلت قبل عدة سنوات.. فالمجرمون قتلوا الشرطي المسلم بدم بارد خارج المبنى وهو لا علاقة له بالرسومات إياها.

هؤلاء الإرهابيون التكفيريون كانوا أحبّة الغرب من أجل استعمالهم ضد آخرين لا يتماشون مع الغرب ومشاريعه الكولونيالية والتقسيمية للوطن العربي والأمّة العربية والإسلامية.

وكانت هناك بطبيعة الحال صدمة، والصدمة خدعت جزءاً من المسلمين وجعلتهم يصدقون رواية أن العملية هي فعلاً (انتقام لرسول الله)، وأنستهم أن العملية هي انتقام من المسلمين في فرنسا وفي الغرب، والذين تنتظرهم أيام صعبة مليئة بجرائم الإسلاموفوبيا والكراهية من قبل فئة كبيرة من غير المسلمين الذين سيقعون تحت تأثير الصدمة، وسيصدقون أن المسلمين يتبنون العملية، وأن العملية كانت إسلامية وفق مبادئ الإسلام ولأجل الإسلام. ولقد حدثت فعلاً اعتداءات على عدة مساجد في فرنسا في أعقاب الجريمة، والخوف ينتاب مسلمي فرنسا وأوربا عامة.

ماري لابين، زعيمة اليمين، سارعت للقول إن المسؤول هو المجرم الذي نفذ الجريمة وليس المسلمين جميعاً، بينما اليمين الإسرائيلي اليهودي، وخاصة نفتالي بنت سارع للرقص على دماء الفرنسيين والغمز من جهة الإسلام والمسلمين والشماتة لما جرى للفرنسيين.

الإسلاموفوبيا ليست مجرد ظاهرة اجتماعية، وإنما لاسامية خالصة.. لنكرر دائماً: الإسلاموفوبيا هي لاسامية.

أنا لست شريكاً ولا يمكن أن نكون شركاء في حملة التضامن مع تلك المجلة، (شارلي ايبدو)، وهي التي أطلق عليها حملة (أنا شارلي) لأنهم يحتقرون ديني بالرغم من رفضي المطلق واستنكاري للجريمة الفظيعة.

أنا مع حملة (أنا محمد). ؟

نستنكر الجريمة النكراء، ونتعاطف مع عائلات القتلى الضحايا مسيحيين ويهوداً ومسلمين، لأننا نحمل قيم الإنسانية ونقدس الحياة لجميع أبناء البشر.

قلبي مع مسلمي فرنسا وأوربا.

العدد 1107 - 22/5/2024