في عيدها الثمانين.. لوِّحوا لمن رافق حياتنا…فيروز.. يافرحاً ضاق بأحزاننا!

 وعبر الحدود وفي ميسلون.. . لنا ذكريات..

قالوا تحب الشام فقلت جوانحي.. مقصوصة فيها وقلت فؤادي.

ظمئ الشرق فيا شام اسكبي.. نادت فهب إلى هندٍ وأندلسٍ.. يا شام يا شامة الدنيا ووردتها.

كيف لنا أن ننسى من عانقت أمسيات الشام.. تنشقتها، ثم صدحتْ.. فسحرتْ وأطربت. لكنها قالتها بالفم الملآن: أحب دمشق. دمشق الوادعة.. الحنونة،التي كانت تتزين لتضفي على جمالها ألقاً، كلما أطلت فيروز أواخر الصيف، آن الكرم يُعتصر.

كل صبية في الشام كانت (يارا) الجدايلها شقر.. وكل شيخ كان (مختار المخاتير).. وكل شاب كان متحفزاً لمرافقة العائدين إلى بياراتهم مجتازين (جسر العودة) لو أُشهِر السيف.

ولدنا معاً.. نحن والنكبة وصوت فيروز،ونشأنا معاً نحن واللجوء الثاني. تجاوزتْ أحزاننا فرح كل ربيع مر بنا. الأمل تقاسمناه كما الحزن. غضبنا.. وبكينا،لكن السيف لم يُشهر. وحزنتْ فيروز وحزنّا، لكن طفلاً في سن العشرين جاء حاملاً رشاشه.. من البحر جاء. من الغربة جاء. وها نحن نبحث عنه اليوم في سكين طفل فلسطيني تشهر في وجه الصهاينة..

معاً نحن وصوت فيروز تنسّمنا هواء بلادنا.. وشربنا من بردى.. فرح فيروز. انتظرنا الآتي ولم يأتِ.

سلاماً فيروزنا.. وفرحنا.. وعيد أعيادنا. سلاماً للطاحون.. وللقهوة على المفرق.. ولشآم المجد.. ولبيروت ميناء الحبايب.. وليارا وخيّها الصغير.. ولجسر العودة إلى الأرض الحبيبة،لأشجار فلسطين وأهلنا.

فيروز. سيدتي فيروز. ما أجملك في عيدك. وكم كنا محظوظين إذ رافقتِ طفولتنا.. ويفاعتنا. لتتركي بعد ذلك شيئاً من روحك يرافق مراحل حياتنا، ونصبح بعدئذ جديرين بإنسانيتنا..

العدد 1105 - 01/5/2024