الطفولة.. أمل الحاضر وعطاء المستقبل

 في كل يوم تُدوّي في روحي وأعماق أمومتي صرخة الشاعر توفيق زياد قائلاً:

(وأعطي نصف عمري للذي يجعل طفلاً باكياً يضحك)

فلو أن توفيق زياد بقي بيننا لطال عمره قروناً، لأن بكاء وجوع الأطفال وتشردهم ونزوحهم واستغلالهم وحتى موتهم يتزايد يوماً بعد يوم بما يتناسب عكساً مع ضحكاتهم التي وصفها بدوي الجبل بأنها (إذا غردت في ظامئ الرمل أعشبا).

ضحكات باتت من مخلفات الماضي لملائكة الأرض وزهرات الحياة في زمن العولمة وديمقراطياتها المزعومة، عولمة أنشبت مخالبها في بلدان تنعم بخيرات هي من حق شعوبها وأطفالها، ديمقراطية عفنة سمادها الحروب وما تجرّه من كوارث أول ما يدفع ثمنها هم الأطفال والنساء، متجاهلة كل الأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية بشأن حقوق الإنسان والطفولة وغيرها. فما يجري اليوم في معظم بلدان العالم من مجاعات وحروب وكوارث طبيعية أو مصطنعة، وما لاقاه ويُلاقيه أطفال سورية، بسبب حرب عبثية مستمرة منذ خمس سنوات، لهو عارٌ يندى له جبين البشرية، فمعظم الأطفال باتوا مشردين بلا مأوى، وبلا أهل، ما يدفعهم للتسوّل والعمل، ويعرّضهم للكثير من المشاكل والاعتداءات الجنسية والبدنية التي تُفضي إلى أزمات نفسية خطيرة تُمزّق كيان الطفل وشخصيته المستقبلية.

ألا يستدعي هذا الوضع من المجتمع الدولي السرعة في إيجاد حلٍّ عادل وسريع للمسألة السورية يُنهي هذه الحرب ويُعيد للأطفال الأمان والسلام والحياة الكريمة وفق مبادئ إعلان حقوق الطفل واتفاقية الطفل الدولية التي ما وضعت إلاّ من أجل طفولة آمنة تُعزز وترفد مستقبل البشرية بالعلم والأمن والعطاء..؟

ألا يستدعي الوضع المأساوي لأطفالنا أن نُحيّد كل الأمور والقضايا جانباً من أجل تقديم بعض العون والمساعدة لمن يشكلون مستقبل البلاد الذي سيكون مظلماً إن تركناهم وحيدين يواجهون كل تلك العواصف والمآسي..؟ ألا يستدعي هذا الوضع تكثيف الجهود الدولية لوقف الحروب والنزاعات الدولية، وإحلال السلام والأمن لأطفال سورية والعالم أجمع..؟..وإلى أي حدٍّ نعتبر المجتمع الدولي مخلصاً للوائح والمعاهدات القانونية والدولية التي أقرّها..؟!!

العدد 1105 - 01/5/2024