مديرية البيئة كشفت وراسلت.. أهالي قرية المتونة يستغيثون من تلوث المجابل

يتناول أهالي قرية المتونة منذ أكثر من عشر سنوات عند مطلع كل فجر وسطوع خيوط الشمس الذهبية وجبة فطور صباحية من الغبار الطازج القادم إليهم من المجابل الإسفلتية المتمركز عن سابق إصرار وتصميم شرق قرية المتونة، دون مراعاة للاشتراطات البيئية التي يجب أن يتحقق… وبعد صد ورد ومطالبات عديدة، ورد إلى مكتب جريدة (النور) بالسويداء تلك المطالب، وبدورنا نضعها بين أيدي أصحاب العلاقة، ذلك لأن الأهالي قد ردوا عدم الاكتراث لمطالبهم إلى عدم قدرة الجهات المسؤولة على إخماد صوت هدير محركات المجابل عندما تكون الرياح شرقية، ما أدى بحسب السكان ولاسيما بعد أن فرض عليهم الواقع قسراً إدخال قريتهم قائمة الخارطة البيئية السوداء، نتيجة لما بات يحوق بها من واقع بيئي مزر ومؤلم بسبب تحول هذه المجابل إلى مصدر للأضرار البيئية والأخطار الصحية وكابوس بيئي مخيف بات يلاحقهم ليل نهار نتيجة لهذه الزوابع الغبارية الزائرة غير المستحبة لبيوتهم بشكل شبه يومي.

إن الضرر الذي ألحقته ومازالت تلحقه تلك المجابل بهواء القرية وترابها وأشجارها وأهلها من تلوث لم يعد خافياً على أحد من أصحاب القرار والمعنيين بالمحافظة، إذ سبق لمديرية شؤون البيئة المستجيبة الوحيدة لمعاناة المواطنين هناك أن نظمت الجولات الميدانية على المجابل، ووثقت عشرات الملاحظات الفنية على عملها، وسطرت العديد من المقترحات وأرسلتها بكتب رسمية للمعنيين بغية إبطال مفعول محركاتها، أو إيجاد حل يرضي الأهالي وأصحاب المجابل معاً، على مبدأ (لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم). ولكن يبدو أن هذه الكتب نامت في أروقة المنفذين لمضامينها، ومازالت صيحات الاستغاثة تعلو سماء القرية ومضاجع أصحاب الأمر حتى اللحظة علماً، بحسب مصادر مديرية شؤون البيئة في المحافظة، أن عمل هذه المجابل يخالف نصاً وروحاً الأنظمة والقوانين الناظمة لعملها، ولاسيما قرار وزارة الإدارة المحلية رقم 573/د والمؤرخ بتاريخ 27/9/2004 المتضمن إخضاع جميع المجابل لأحكام المرسوم التنظيمي رقم 2680 لعام 1977 وتصنيفها في عداد صناعات الصنف الأول تحت رقم ،87 وإخضاعها لأحكام القرار رقم 824 لعام 1966 المتضمن كذلك الشروط الواجب توافرها في هذه المجابل، والتي أولها أن يكون بعدها عن التجمعات السكنية والمنشآت العامة 2 كم على الأقل، وهنا من تتسنى له زيارة أرض الواقع سيلحظ بأم عينيه أن بعض هذه المجابل لا يبعد عن مدرسة القرية أكثر من 800م. رغم ذلك الحلول كانت وما زالت آنية أي إن التزام هذه المجابل بالاشتراطات البيئية وإن تم لا يدوم أكثر من شهر، بحسب مصادر البيئة.

نقلنا تلك الشكوى إلى المهندس غالب أبو حمدان مدير شؤون البيئة في المحافظة، فبين أنه من خلال الجولات الدورية والميدانية على بعض المنشآت الصناعية للتأكد من مدى تطبيقها الاشتراطات البيئية فقد تبين لدينا وجود ثلاثة مجابل كانت تعمل، علماً أن الرياح شرقية إضافة إلى انبعاث دخان أسود من أحدها نتيجة لعدم رفع درجة احتراق الفيول بصورة كافية، والفلتر المائي بحاجة إلى إزالة الرواسب إضافة إلى بعض الملاحظات الأخرى، ولذلك قمنا بمراسلة محافظة السويداء بالكتاب رقم 462 تاريخ 25/6/2012 لتوجيه إنذارات لأصحاب هذه المجابل وعدم العمل عندما تكون الرياح شرقية، إضافة إلى إجراء الصيانة اللازمة لمجابلهم لتفادي المشكلات الموجودة..

وفعلاً وبناء على كتاب مديرية شؤون البيئة هذا قامت محافظة السويداء بمخاطبة قيادة شرطة المحافظة لتوجيه إنذارات لأصحاب المجابل كي يصار إلى استدراك الملاحظات المبينة في كتاب مديرية شؤون البيئة وإبلاغ أصحاب المجابل بضرورة أخذ الإجراءات اللازمة للحيلولة من دون وقوع أضرار بيئية.     

 

»النور« تطرح أسئلة

إذا كان مبدأ التسويف حلال عند المنفذين، أليس مبدأ المحاسبة أصبح لازماً عند من يريد التنمية والتطوير؟ ألا يحق لأهالي قرية المتونة أن يتنشقوا هواءً نظيفاً حينما تكون النسائم قادمة من الشرق، أم أن رياح الشرق باتت ملوثة وعلينا تحمل أعباء تلوثها في كل شيء؟

 

العدد 1105 - 01/5/2024