الرفيق كمال الخولي: «النور».. صفحة مشرقة في تاريخ الحزب

 في اللقاء الذي أقامته منظمة جرمانا للحزب الشيوعي السوري الموحد، بمناسبة الذكرى الـ92 لتأسيس الحزب، كان الرفيق كمال الخولي (أبو منصور)، وهو من قُدامى الشيوعيين، وقلّما غاب عن نشاطات المنظمة ومساهماتها في المناسبات العامة، كان  أحد المشاركين في اللقاء، وما إن بدأ حديثه حتى أثار انتباه الحاضرين، وجذبهم للإصغاء، ففي حديثه ودفء صوته ونبرته حميميّةٌ مميّزة، وهو الذي أمضى عشرات السنين معلّماً، يتقن التحكّم بالحرف والكلمة والعبارة إتقان الخبير المتمكّن، وكان ولا يزال مناضلاً في صفوف الحزب، يعرف كيف يلملم أشتات الفكرة وارتباطاتها وينظمها بأناقة وتواضُع واختصار، فتصل إليك بانسيابية وسلاسة تثير الدهشة والمتعة، فتطلب الاستزادة ولا ترتوي. ومما قاله عن (النور):

أنا من قدامى الشيوعيين، وهذا شرفٌ لي، كنّا في الخمسينيات نحلم بجريدة سورية علنية للحزب، كانت (الصرخة) تأتينا من لبنان، ثم صدرت (الأخبار). مئات الشباب- وأتحدث هنا عما عشتُه وعرفته في دمشق- كانوا يحملون الجريدة ويبيعونها في الأسواق، تعرفون القول: (أعطني جريدة، أُعطكَ حزباً/ ثورة). كانت (النور) صفحة مشرقة في تاريخ الحزب، أوصل بها سياسته وبرامجه ومواقفه إلى قطاعات واسعة من الناس. بعض الرفاق كانوا يحملونها ويوزعونها إلى ورش الدباغة، المطابع، الغزل، إلى العمال أينما كانوا وكذلك إلى الفلاحين، والمعلمين في المدارس، وفي الجامعة. في المدرسة اصطدمتُ بإدارة المدرسة، قال لي المدير شاكر مصطفى: ليس لك أن توزع الجريدة في المدرسة! قلت له: هذا عمل ونشاط سياسي ولا يحقّ لك أن تمنعني!

كانت (النور) مميّزة بما تطرح، تنقل نبض الناس، معاناتهم، مطالبهم، وكان يكتب فيها فرج الله الحلو، دانيال نعمة، نقولا شاوي، أرتين مادويان… وعشرات الكادرات، وقد وُجدت وصدرت بجهودٍ ومساهمات من المئات بل الآلاف من الشيوعيين وأصدقائهم. قبل صدور (النور) كان الشيوعيون (أذكر مثلاً: أحمد الغفري، شوقي بغدادي، نصر الدين البحرة،…)  يكتبون في عدة صحف دمشقية. صدرت (النور) فأبرزت دور الحزب، نضاله في سبيل حماية الاستقلال، واعتماد سياسة وطنية معادية للاستعمار، لم يتغير جوهر المانشيت حتى الآن: الدفاع عن الوطن، واستقلاله، ووحدته، وسيادته، ومباشرةً يأتي بعده المانشيت أو العنوان الاقتصادي الاجتماعي، الذي لا يقلّ أهميةً.

كانت متابعة قضايا العمال همّاً للجريدة وللحزب، ومن ذلك تشكيل النقابات.. لم يكن لدينا نقابات في كثير من مواقع العمل، والنقابات الموجودة كانت عموماً ضعيفة، ارتقت النقابات والحركة النقابية بجهود الرفاق الشيوعيين والحزب الشيوعي وجريدة (النور)، وكان للشيوعيين في قواعدها وقياداتها مراكز متقدمة (الغزل والنسيج، الدباغة، الطباعة، الحمل والعتالة، البناء، المعادن…)، وكنا، لتوعيتهم، نوصل إليهم جريدة (الوقت) مرادفة لـ(النور).

آمل أن يبقى دور الحزب فاعلاً في معركة شعبنا، وأن يستمر بإصدار (النور) وأن نحتفل في سنوات لاحقة بتطويرها لتبقى مواكبة لتطور الحياة، وأشكر الرفيقات والرفاق والصديقات والأصدقاء الذين يكتبون في (النور) عموماً، وأخصّ من يكتبون في صفحة (شباب ونساء)!

العدد 1107 - 22/5/2024