فيروزنا.. ما أجملك!..«في عيد ميلاد فيروز»21 تشرين الثاني

عبر الحدود وفي ميسلون… لنا ذكريات

قالوا تحب الشام؟ قلت جوانحي.. مقصوصة فيها وقلت فؤادي

ظمئ الشرق فيا شام اسكبي…

نادت فهب إلى هند وأندلسِ…

يا شام يا شامة الدنيا ووردتها!

كيف لنا أن ننسى من عانقت أمسيات الشام.. تنشقتها، ثم صدحتْ.. فسحرتْ وأطربت. لكنها قالتها بالفم الملآن: أحب دمشق، دمشق الوادعة.. الحنونة، التي كانت تتزين لتضفي على جمالها ألقاً كلما أطلت فيروز أواخر الصيف، آن الكرم يُعتصر.

كل صبية في الشام كانت (يارا.. الجدايلها شقر).وكل شيخ كان (مختار المخاتير). وكل شاب كان مرافقاً للعائدين إلى بياراتهم مجتازين (جسر العودة) لو أُشهِر السيف.

هل ننسى؟

ولدنا معاً.. نحن والنكبة وصوت فيروز، ونشأنا معاً نحن واللجوء الثاني. تجاوزتْ أحزاننا فرح كل ربيع مر بنا، رغيف الخبز تقاسمناه كما الحزن، والثورة. غضبنا..وبكينا، لكن السيف لم يُشهر. وحزنتْ فيروز وحزنّا، لكن طفلاً في سن العشرين جاء حاملاً رشاشه. من البحر جاء.. من الغربة جاء. نبحث عنه اليوم بعد أن اختطفته أيدٍ ملوثة بالذهب الأحمر والأسود.. وأوهام بتحول المغتصب إلى صديق!!

هكذا أحببت أن أعبر عن إيماني بفيروز في عيدها.. وبفلسطين جرح فيروز.. العصيَّين على النسيان.. الماثلَين أبداً لا في ضمائرنا فحسب، بل في هواء تنشقناه صغاراً.. في قلوب كانت حزينة.. وستبقى، إلى أن يُشهر السيف.

لن أذكر أسماءكم.. يا من صدحت حناجرنا بـ(جسر العودة).. هل تذكرون؟

وبليلة عتم أبيض كالأولى للميلاد

ملأى بغموض الآتي وبفرح الأعياد

يأتي من خلف الأسوار طفل في سن العشرين

يحتفل اليوم بميلاده

عيّده العيد برشاش

فمضى يتصيد ويقيم

في أرض أبيه وأجداده

فيروز… سيدتي فيروز، ما أجملك في عيدك! وكم كنا محظوظين إذ رافقتِ طفولتنا.. ويفاعتنا! لتتركي بعدئذٍ شيئاً من روحك يرافق سني حياتنا، ونصبح بعد ذلك جديرين بإنسانيتنا!

العدد 1105 - 01/5/2024