جولة صيفية… هل ستمطر في آب؟!

 موجة حّر شديدة ضربت بلاد الشرق الأوسط، قالتها وكالات الطقس العالمية ليعيشها السوريون بقساوة أيامها، متحملين ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة وهم يمارسون أعمالهم التي لم تقف ولو للحظة واحدة، ولكن بورصة التصريحات توقفت إثر الاحتراق الصيفي الحاصل.. ولكن السوق هيهات أن تقفل بورصتها اليومية المرتبطة بسعر صرف الدولار الذي مازال يرتفع مخترقاً حدود 300 ليرة سورية، والسوق تلتهب من جديد بأسعار تشجيعية بغياب الرقابة التموينية.

شادي، ذاك الطفل الصغير ذو الثماني سنوات، الذي همشت الحرب أحلامه بعد أن هدمت بيته وحيه الصغير وشردته ليصبح ماسح أحذية يجوب الشوارع والأرصفة ليؤمن لقمة عيش إخوته الصغار من خبز وبعض بقايا الخضار عند باعة البسطات.. شادي لم ييأس ولم تقهره حرارة الصيف رغم صغر سنه وابتسامته البريئة تمنح الحياة للمكان الذي يمر به.. لقد منحنا الأمل في جولتنا التي قامت بها جريدة (النور) للاطلاع على أسعار السوق في هذا الشهر، والتي سجلت ارتفاعا جديداً وهي بعز موسمها بعد أن شهد شهر تموز بعض الانخفاض، فقد ارتفع سعر الخضار بفارق 25 ليرة سورية وأكثر، فالبندورة تراوح سعر الكيلو بين 85 و 120 ليرة سورية ومازالت ترتفع، أما الخيار فقد تراوح سعر الكيلو بين 125 و150 ليرة سورية، أما الباذنجان الحموي فقد ارتفع إلى 80 ليرة للكيلو بعد أن كان بـ 35 ليرة سورية أواخر الشهر الماضي، وبالنسبة للفليفلة فقد تراوح سعر الفليفلة الخضراء بين 125 و200 ليرة، أما الحمراء بين 150 و250 ليرة حسب الصنف.. واللوبياء سجل سعر الكيلو 200 ليرة، أما الفاصولياء فقد تراوح سعر الكيلو بين 150 و200 ليرة، أما الخضار الورقية فتراوحت أسعار الباقة من البقدونس والنعنع والبقلة بين 35 و50 ليرة.. ولم يكن واقع أسعار الفواكه أفضل فقد سجلت أسعار الفواكه أرقاماً قياسية وخصوصاً أسواق الساحل السوري ومنطقة مصياف، فقد تراوح سعر كيلو العنب بين 200 و 300 ليرة سورية حسب الصنف، أما الأجاص فقد تراوح سعر الكيلو بين 200 و350 ليرة في أسواق الساحل، أما في دمشق فسجل سعراً أقل وتراوح سعر الكيلو بين 100 و250 ليرة سورية.. أما التفاح فقد تراوح سعر الكيلو بين 100 و200 ليرة سورية حسب الصنف.. الخوخ تراوح سعر الكيلو بين 100 و225 ليرة، أما البطيخ الأصفر فقد سجل ارتفاعاً بعد أن كان وصل سعره إلى 35 ليرة للكيلو فسجّل أسعاراً جديدة تراوحت بين 75 و100 ليرة.. أما البطيخ الأحمر فقد سجل ارتفاعاً أيضاً ليصبح 65 ليرة سورية بعد أن سجل خلال الأسبوعين الماضيين 35 ليرة.

فروق الأسعار بين أسبوع وآخر تزداد ويزيد معها بؤس المواطن السوري الذي يعد مونة شتائه الذي حسب ما تتوقعه وكالات الطقس العالمية بأنه سيكون قاسياً وشديد البرودة. وكان لـ(النور) وقفة مع رأي المواطن بالأسعار وهل تلبي حاجاته؟

قالت السيدة منى: (لم نعد نعرف ماذا يحدث.. صيف حارق وأسعار (واوا).. إذا الخضار بموسمها هيك سعرها، كيف رح تكون أسعارها بغير موسمها؟).

أما الأستاذ ريمون فتساءل: (هل هناك لجان تموين حقاً؟ صراحة مابعرف شو أحكي إذا هون الأسعار شي بتروح على الشارع الثاني الأسعار أكتر)؟

وكان للحاج أبو محمد رأي آخر، فقال: (نحن نعيش ظروف حرب صعبة من جميع النواحي، وفي الحرب تحدث أشياء كثيرة، ومنها هذه الحالة التي يعيشها المواطن بسبب التهميش الحكومي والقرارات المجحفة بحق المواطن.. إن قلنا لا تتوفر مواد غذائية فهذا كذب، فمستودعات التجار مليئة بالمواد الغذائية وكل شيء متوفر، لكن الرقابة التموينية صفر ولا تقوم بمهامها سوى لغاية في نفس يعقوب، وأظنكم فهمتم قصدي، ولو نفذت التموين رقابتها لكنا أفضل، لكن هناك تجار متحكمون، ومتل ما بيقول المثل لو بدّا تشتّي كانت غيّمت)!

وبسؤالنا لبعض الباعة في السوق عن الأسعار وارتفاعها، قال لنا تيسير: المشكلة أن العرض قليل، فمثلاً الخيار كمياته قليلة جداً هذا العام، لذلك ارتفع سعره وكذلك الفاصولياء والبندوة.

وبسؤالنا لبائع آخر عن فروق التسعير بين العام الماضي واليوم قال لنا: العام الماضي كان هناك عرض أكثر في السوق والكميات أربعة أضعاف هذا العام، ونعاني أحياناً من تأمين كميات نغطي بها حاجة المواطن.

والسؤال هنا: ما الفرق بين هذا العام والعام الماضي؟ ولماذا الكميات المنتجة قليلة؟

وباستبيان المواطن حصلنا على بعض الآراء، فقد قال لنا غسان بأن السبب في المشتقات النفطية التي ارتفع سعرها كثيراً عن العام الماضي، وتأمينها يشكل مشقة للفلاح وللسائقين.

أما سميرة فقالت: (الفلاح بعد القرارات الحكومية القاسية، كيف رح يزرع أرضه إذا المازوت لا يحصل عليه)؟!

آراء كثيرة ومتنوعة ونفوس المواطنين أرهقها حرّ الصيف ولهيب الأسعار المتقلب على جمر ارتفاع الدولار بين ليلة وضحاها، ولجان التموين باتت سراباً يتوهمه الظمآن في حّر آب الخانق والحارق، وأسر مشردة هنا وهناك ينتظرون قطرة من سحابة تائهة تغيثهم وتطفئ لهيب جمر أرواحهم المتوجعة.. وشادي بات أغنية لكل شارع أزهر ياسمينه مقاوماً جنون آب الطقسي، وفيروز تغني (شادي بعدو صغير عم يلعب ع التلج..) أما شادي اليوم فهو (حامل هموم كثيرة وكبريته الحرب وأحرقه الصيف وواقف ع الرصيف مع علب البويا وعم يطلع عالسما ويسأل: هل ستمطر في آب؟ هل سأعود وتعود الحياة ويزهر الياسمين)؟

العدد 1105 - 01/5/2024