وللموساد تحالفه المقدس مع خصومه السلفيين الإسلاميين

 يعتبر جهاز الموساد الإسرائيلي أحد أهم الأجهزة الشريكة في الحلف المقدس وأخطرها، وعلى رأسه واشنطن ومخابراتها المركزية، وقد بدأ منذ عام 1951 التحالف الاستراتيجي بين الجهازين عبر (آموس مانور) ضابط الارتباط الأول مع cia، وكان التعبير الأول عن هذه الشراكة تأسيس وقف ومعهد يوناثان في القدس المحتلة الذي كان الهدف الأساسي منه إضفاء القدسية على شركة الإرهاب المنظم عالمياً، وقد انعقد في عام تأسيسه مؤتمره الأول من أجل هذه الغاية، وألقى في المؤتمر الصحفي روبيرت موس المرتبط بـ cia محاضرة زعم فيها أن الإرهاب مدعوم عالمياً من قبل الاتحاد السوفييتي، إذ تعتبر مهمة التأثير على الرأي العام من خلال المعلومات المضللة وإثارة القلاقل المدروسة من المهام والبرامج التي يكلف عملاء الموساد بها إلى جانب المهام التجسسية التقليدية والاغتيالات وغيرها، ويجري التنسيق من خلال عضوية الموساد في مجموعة (كيلوواط) بين الجهاز وأجهزة استخبارات كل من بريطانيا وألمانيا الغربية وبلجيكا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولاندا وسويسرا والدنمارك وفرنسا وكندا وإيرلندا والسويد والنرويج، كما أن التنسيق قائم بين الموساد وعدة أجهزة استخبارات عربية، وعلى رأسها المصرية والأردنية، وكذلك التنسيق على أشده مع الجماعات الإسلامية المتطرفة ومنها الإخوان المسلمين والجماعات المسيحية الرجعية ومنها القوات اللبنانية وغيرها.

ويعد جهاز الموساد حصن واشنطن الشرق أوسطي المنيع في وجه حركات التحرر الوطني القومية واليسارية وفي وجه الاتحاد السوفييتي السابق، وقد كان لهذا الجهاز دور مركزي في تحطيم المنظومة الاشتراكية، أما سورية فهي على رأس أهداف الموساد الإسرائيلي منذ نشأته، وقد تمكن من إحداث خروق خطيرة، سواء في الداخل السوري أو في مسرح العمليات الأوسع على الأراضي اللبنانية والأردنية والتركية.. ويعتبر الموقع التنسيقي الرئيسي لنشاطات الموساد الموجهة ضد سورية في مدينة (ماين) الصغيرة على حاضرة الراين قرب فرانكفورت التي يقيم فيها الكادر السري لجماعة الإخوان المسلمين، وفيها يجري التعاون مع عناصر الموساد، ومنها تصدر الجماعة مجلتها باللغة العربية بانتظام، كما أن فرانكفورت بالوقت نفسه هي أهم فرع خارجي للمخابرات المركزية الأمريكية، وقد أكد هذه المعلومات أحد عناصرها السابقين حسب ما جاء في كتاب (أوبر سكالسكي) (أوبر سكالسكي – الموساد ذراع داؤود الطويلة، ترجمة الكاتب والمفكر السوري بوعلي ياسين).

منذ عام 2004 حتى 2009 شهدت العلاقات بين الموساد والإخوان المسلمين نشاطاً غير مسبوق، ففي تقرير بريطاني بعنوان (إسرائيل ومنظمات المعارضة العربية في حقبة المحافظين الجدد) نشر بتاريخ 2010 معلومات خطيرة عن ملايين الدولارات دفعها الملازم أول في الموساد (نير بومس) لمجموعات سورية معارضة أبرزها حركة العدالة والبناء ومقرها لندن، ولجبهة الخلاص الوطني بقيادة الإخوان المسلمين، وكانت اللقاءات بين (نير بومس) والقيادات الإخوانية تعقد في مكتب الجبهة بموافقة (البيانوني) وفي مقر السفارة الإسرائيلية في واشنطن بحضور النقيب (أورين أنوليك) مسؤول الموساد هناك، تمخضت هذه الاجتماعات عن إنشاء محطة بردى ومركز أبحاث وهمي أصدر تقريراً واحداً بعنوان ( البعث الشيعي في سورية)، وهو تقرير أعدته وحدة الأبحاث السورية في الموساد وأعلنه (أنس العبدة) باسمه في مؤتمر صحفي بلندن عام ،2008 كما نظم كل من (نير بومس) وفريد الغادري لقاءات عدة في مدينة إسطنبول عام 2004 مع معارضين جاؤوا من داخل الأراضي السورية، وأكدت مسؤولة في مؤسسة سيتا التابعة لحزب العدالة الإخواني التركي أن المراقب العام للإخوان المسلمين السوريين هو من طرح فكرة تحويل الأموال الخاصة بقناة بردى عبر مؤسستها تفادياً للفضائح.

عند بداية الأحداث في سورية شكلت الحكومة الإسرائيلية طاقماً أمنياً خاصاً للتواصل مع أطراف في المعارضة السورية وبينهم الإخوان المسلمين، وكان (آفي ديختر) الرئيس السابق للشاباك الذي أشرف شخصياً عام 2002 على مجزرة مخيم جنين التي راح ضحيتها مئات الأبرياء، قد دعا العالم للتجنيد لمصلحة الجماعات المسلحة في سورية، إثر ذلك تحول التنسيق بين الطرفين الصهيوني والإخواني إلى العلانية التامة إذ وجهت تنسيقية حمص المعارضة دعوة صريحة للاحتلال لدعمها عملياً، وقد كشف الدعوة النائب في البرلمان الإسرائيلي (أيوب قرا) وحولها إلى (بنيامين نتنياهو) طالباً منه استخدام نفوذه في المحافل الدولية، كما بدأ بعض المعارضين يتناوبون على إجراء اللقاءات التلفزيونية على الأقنية الإسرائيلية ومن هؤلاء المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين علي صدر الدين البيانوني الذي صرّح من هناك (نحن بحاجة إلى إسرائيل دائماً).

اليوم ينتشر على خط الحدود في الجولان السوري آلاف الإرهابيين من جبهة النصرة (فصيل من القاعدة) ومصنفة في القانون الدولي عصابة إرهابية، وقد صرح ضابط نمساوي من قوة مراقبة فصل القوات في الجولان أن حجم التدخل الإسرائيلي فيما يجري في بعض قرى الجولان لجهة دعم المجموعات الإرهابية المسلحة هو كبير جداً ويشمل كل المجالات اللوجستية والعسكرية والطبية، كما أكد وجود غرفة عمليات مشتركة تؤمن التواصل بين هذه المجموعات والجهات العسكرية والأمنية الإسرائيلية وقد جرى علاج 1600 جريح حتى الآن في المشافي الإسرائيلية ومنهم العميد عبدالله البشير رئيس هيئة أركان الجيش الحر الذي تدرب بعد علاجه على يد جهاز الموساد ولم ينف العميد ذلك، وفي ندوة حول موقف إسرائيل من جبهة النصرة قال (كيدار) وهو مسؤول أمني إسرائيلي (إن أهداف تنظيم القاعدة بكل أجنحته تتطابق مع مصالحنا وأهدافنا). ثم تابع (إن جبهة النصرة إذا ما حققت انتصاراً في سورية فستكون النتيجة تقويض الجيش السوري القوة الوحيدة التي ظلت تقف على خط المواجهة مع إسرائيل وتقويض الدولة السورية وتقسيمها)، لذلك اعتبر (كيدار) أن (جبهة النصرة تحقق مصالح استراتيجية عليا لإسرائيل وخاصة أنها تعتبر حزب الله هو العدو الذي يتوجب قتاله ومحاربته بلا هوادة).

العدد 1105 - 01/5/2024