كي لا ننسى…الرفيق فؤاد الشمالي

 أتى في طليعة رواد نشر الفكر الاشتراكي وتأسيس حزب شيوعي في سورية ولبنان، فؤاد الشمالي لبناني الأصل، والمقيم في مصر، عاملاً في صناعة التبغ. استقى الشمالي الأفكار الماركسية الأولى أثناء عمله في القطر المصري. وقد أسهم هنالك في تأسيس (حزب العمال اللبناني). وشارك بنشاط في الحركة العمالية المصرية. ثم أبعدته عام 1924 السلطات المصرية البرجوازية الإقطاعية، عن مصر، بسبب نشاطه النقابي العمالي وبتهمة البلشفية. فعاد إلى لبنان واستأنف نشاطه الفكري والسياسي والنقابي بهمة جبارة وعزيمة لا تلين.

بعد إبعاد فؤاد الشمالي عن مصر وعودته إلى لبنان أصدر جريدتي (العمال والمريخ)، وقام بتأسيس نقابة عمال التبغ في بكفيا، وقاد الحركة النقابية في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات، كما أسهم في تأسيس الحزب الشيوعي وقيادته في سنواته الأولى، وكثير من البيانات الصادرة قبل 1932 باسم الحزب الشيوعي موقعة باسم فؤاد الشمالي. بعد خروج الشمالي من السجن شارك في المؤتمر السادس للأممية الشيوعية المنعقد في موسكو، من 17 تموز إلى الأول من أيلول ،1928 مندوباً عن الحزب الشيوعي. وهناك انتسب الحزب الشيوعي السوري إلى الأممية الشيوعية الثالثة (الكومنترن).

وفي المؤتمر السادس للأممية رفع شعار (طبقة ضد طبقة)، واتخذت عدة قرارات تحت تأثير تراجع الاشتراكية الديمقراطية لأممية أمستردام (الأممية الثانية) عن المواقف البروليتارية.. وبعد رجوع الشمالي من موسكو عقدت اللجنة المركزية جلسة تقرر فيها إبدال اسم الحزب، فأصبح (الحزب الشيوعي السوري- فرع الأنترناسيونال الشيوعي). ولكن الحزب استمر في خطته التنظيمية السابقة فيما يتعلق بعدم إعلان اسم الحزب الشيوعي السوري في البيانات والمناشير التي يصدرها والنشاطات التي يقوم بها، إلى أن تقرر الإعلان عن الحزب في ليل 6-7 تموز 1930.

لقد نشط فؤاد الشمالي في عدد من الميادين النقابية والسياسية والتنظيمية والفكرية.. ففي ميدان الفكر ألّف بعد رجوعه من الاتحاد السوفييتي عام،1928 كتاب (الأنترناسيونال أو الأمميات الاشتراكية الثلاث). وفي منتصف عام 1929 طبع فؤاد الشمالي كتابه (نقابات العمال) الذي كان قد أعده أثناء سجنه في قلعة قدموس بالقرب من مصياف، وهذا الكتاب يتوجه إلى العمال لإرشادهم إلى كيفية تكوين النقابات وقيادتها.

ولابد من الإشارة إلى كتابه المطبوع عام 1936 باسم (الاشتراكية)، فقد اتصف هذا الكتاب بوضوح الأفكار التي عالجها مع تبسيطها، حتى يتمكن الإنسان العادي من فهمها. كما يتميز الكتاب بغزارة الأفكار والمشكلات التي تطرق إليها.

إن دور الشمالي وتاريخه النضالي الحق بحاجة إلى مجلد ولا يمكن لمقالة أن توفيه حقه وتلقي الأضواء الحقيقية على إنسان جاهد وضحى وعذب وسجن وظلم في سبيل طبقته العاملة ووطنه العربي.. إذ إن توجهات الشمالي كما كان الحال بالنسبة للحزب الشيوعي كانت توجهات طبقية يعربية أممية ضمت الوطن والطبقة تحت جناحيها في معادلة ديالكتيكية.

العدد 1105 - 01/5/2024