الشيطان.. الاستثمار في القوة الناعمة

 أسئلة كثيرة تثار حول نشأة قنوات شبكة تلفزيون الشرق الأوسط ام بي سي لمالكها المفترض الجنرال الإعلامي وليد آل إبراهيم، من قبيل: من يقف خلف تأسيس هذه الإمبراطورية؟ ما هي الوظيفة المنوطة بها؟ من يرسم سياساتها وتوجهاتها؟
من يمول هذه الإمبراطورية؟ من يوفر لها الحماية؟ لماذا تبث الشبكة من خارج المملكة؟ أين تقع غرفة الأخبار، من يجمع الأخبار ومن يحررها؟ هل هي قناة مستقلة خاصة أم أنها ذراع إعلامي لنظام سياسي يحاول السيطرة والهيمنة؟
من يحدد ضيوف القناة من تستضيف ومن لا تستضيف؟ ما أوجه الشبه بين قناة الجزيرة وشبكةام بي سي؟ هل حقاً الجنرال وليد آل إبراهيم يملك الشبكة أم أنه واجهة لا أكثر؟ ما هي علاقة القناتين (العربية) و(الحدث) بالأحداث الدموية في سورية؟
وغيرها من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات مقنعة من الجنرال وليد، أو من راسمي سياسة القناة واستراتيجيتها المستقبلية.

البداية

أطلقت شبكة تلفزيون الشرق الأوسط ام بي سي لمالكها المفترض الجنرال الإعلامي وليد آل إبراهيم، نسيب العائلة المالكة في السعودية، أولى قنواتها في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، وتطورت تدريجياً لتبدأ انتشارها مع بدء البث الفضائي، تنوعت قنواتها الواحدة تلو الأخرى فضمت قناة للأطفال،
وقنوات مسلسلات وأفلام وقنوات غنائية ورياضة وبرامج ترفيهية ومسابقات، ثم اشترت حقوق بث بعض القنوات الغربية والهندية والتركية (قنوات ترفيهية هدفها الاستحواذ على المتلقي العربي)،
تلا ذلك إطلاق أول قناة إخبارية ضمن الشبكة هي قناة العربية، بتوجيه من داعمي الجنرال وليد مالياً ومعنوياً (حماية كاملة) ضمن استراتيجية مرسومة ومعدّة، مما اعتبر نقطة تحول في سياسة الشبكة التي لم تعد ترفيهية وإعلانية فقط، وإنما تضم قناة إخبارية موظفة سياسياً ومؤدلجة باتجاه واحد،
تعبر عن سياسة دولة واحدة حول مختلف القضايا التي تهم الشارع العربي، تبع ذلك في عام 2003 إطلاق قناة الحدث، دُعمت قناة الحدث كما شقيقتها العربية، منذ انطلاقتها بتمويل ضخم ساعدها على اجتذاب إعلاميين محترفين ومعروفين، وفي افتتاح مكاتب لها في دول عديدة ومراسلين في مختلف دول العالم،
وخاصة الدول الفاعلة على الساحة الدولية، والدول التي تشهد أحداثاً سياسية وعسكرية ساخنة، هذا التنوع لم يأتِ من خبرة الجنرال وليد والمستشارين المعينين إلى جانبه، وإنما هو تقليد تعرف عليه ودرسه وليد وغيره في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، التي تملك غالبيةَ مؤسساتها الإعلامية (الإمبراطوريات) مؤسساتٌ يهودية لديها أجندة تعمل عليها، وأفضل وسيلة للتأثير في المتلقي أياً كانت جنسيته هو التلفزيون الترفيهي المطعّم بقناة أو قناتين إخباريتين.

أهمية البث التلفزيوني

درس الجنرال الإعلامي وليد آل إبراهيم في الولايات المتحدة وأدرك أهمية الصورة التلفزيونية، وأهمية توظيفها لخدمة قضايا اجتماعية وسياسية وثقافية، فهي – أي الصورة التلفزيونية – سيدة التعبير ومالكة النظر والسمع والانتباه والفكر الواعي واللاواعي، واكتشف الجنرال وليد أن للتلفزيون القدرة على خلق واقع جديد يعيشه المتلقي،
نظراً لخصوصيته في كونه وسيلة إعلامية لها تأثير مزدوج على المشاهد من خلال الصورة والكلمة، هذا الوعي تطور ونضج تدريجياً خلال العشرين سنة الماضية، درس خلالها المستشارون المعينون من قبل الأجهزة ذات العلاقة، تجارب الإمبراطوريات الإعلامية في الغرب، كيف نشأت وكيف تطورت، لتحتل مساحة مشاهدة ومتابعة كبيرة لدى مشاهدي البث التلفزيوني،
ثم قاموا بدراسة نفسية المتلقي العربي، ماذا يفضل أن يشاهد، ما هي الصورة والكلمة التي سترسلها الشبكة للمتلقي العربي، ما هي مشكلاته، واقعه والمستقبل الذي يبحث عنه، الأخبار السياسية التي تهمه وتشغله،
كيف يمكن أن تكون قنوات الشبكة هي الخيار الأول للمتلقي العربي في معظم أوقات المشاهدة، كيف يمكن تمرير الأخبار التي يريدها داعمو الشبكة (موقف سياسية – وجهات نظر محددة – حقائق مزيفة)،
كل هذا وغيره دُرس بعناية وأنفقت عليه مئات الملايين من الدولارات، إنها لعبة شيطانية نجحت كما نجحت قناة الجزيرة القطرية قبلها، التي كانت تستحوذ على أعلى نسبة مشاهدة في الوطن العربي، وتراجعت لصالح شبكة ام بي سيبعد أخطاء ارتكبها النظام القطري، من دعم لحركات تمرد وتحريض على القتل والتدمير، وتمويل لجماعات إرهابية في ليبيا وسورية ومصر ودول أخرى،
والفرصة الآن سانحة لشبكات ربما تكون مصرية مثل دريم والنهار وسي بي سي، لتحل محل شبكة ام بي سي بعد أن ارتكب النظام السعودي الأخطاء ذاتها التي ارتكبها النظام القطري.

الخطاب الإعلامي للقناة

المتابع للنشرات والتقارير واللقاءات في قناتَي (العربية) و(الحدث) يلاحظ استخدام مفردات ومصطلحات في الخطاب الإعلامي الموجه (مرفق بفيديو- شاهد عيان) الهدف منها ضرب الاستقرار السياسي والاجتماعي، والسلم الأهلي والاقتصاد الوطني وإثارة النعرات الطائفية بين الأقليات التي تشكل النسيج الاجتماعي السوري،
وإضعاف الدولة من خلال ضرب مقوماتها، والدعوة لتقسيمها، والدفع بالأوضاع نحو الحرب الأهلية ونشر ثقافة العداء بين مختلف المذاهب في الدين الواحد، والاختلاف مع متبعي الأديان الأخرى كالمسيحيين.

يجري تمرير هذه المفردات والمصطلحات على أنها حقائق غير قابلة للنقاش، تكرر (العربية) و(الحدث) وأذرعها الإعلامية الممولة خفية من الجنرال وليد وأجهزة الاستخبارات، هذه المفردات والمصطلحات في نشراتها وتقاريرها الإخبارية اليومية، لتترسخ في العقل العربي الجمعي والفردي،
وأيضاً في اللقاءات مع ضيوف القناتين المختارين بدقة وحرفية من تيار واحد، يعكسون وجهة نظر واحدة تتفق مع سياسة الدولة الممولة والداعمة، ليستقبلها المتلقي السوري والعربي المشحون بالكلمة والصورة بشكل غير واع (دسّ السم)، الأمر الذي يساهم في خلق وجهات نظر مختلفة، وغرس معتقدات جديدة لدى المتلقي تتفق مع ما يريده ممولو وليد آل إبراهيم ومن معه.
نجح هذا الأمر في تونس ومصر وليبيا والعراق واليمن ونجح في سورية، وقطف النظام السعودي ومن يدور في فلكه من الأنظمة ثمارَ هذه الفوضى، وكوفئ وليد بالأوسمة، فقد استطاع عبر صناعة الوهم وتزييف الحقائق من تدمير حياة الملايين وتشريدهم ومعاناتهم، وتدمير الوطن السوري وتفكيكه عبر تغذية النعرات الطائفية.

المطلوب رقم واحد

وإذا كانت الحكومة السورية لا تستطيع محاكمة رأس أي نظام ملكي أو غيره من أنظمة الدول، التي تآمرت على أمن سورية واستقرارها، لأسباب سياسية وقانونية مختلفة مرتبطة بالحصانات، إلا أنها تستطيع محاكمة أفراد ساهموا – تسببوا عبر نشر حقائق وأخبار مزيفة (الكلمة والصورة – تهييج الناس) – مساهمة كبيرة في تأزيم الأوضاع في سورية،
وفي أعمال عنف وتدمير للمقومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة، استمرت لسبع سنوات، ولعل وليد آل إبراهيم المالك المفترض لشبكة قنوات تلفزيون ام بي سي نسيب العائلة المالكة السعودية، هو أكثر الأشخاص الذين لعبوا دوراً فعالاً في تأجيج الصراع والاقتتال الأهلي والدمار الذي لحق بسورية، وتسبب بمقتل مئات الآلاف ونزوح ملايين السوريين وتهجيرهم ومعاناتهم،
ودمار اقتصاد وطن اجتهد السوريون في بنائه منذ خمسينيات القرن الماضي، وذلك عبر نشره وترويجه لحقائق وأخبار مزيفة، ودعمه للإرهابيين، عبر نشر أخبارهم وأخبار معاركهم وانتصاراتهم الوهمية والمزيفة، وتخصيص منابر في قناتين إخباريتين (العربية والحدث) لهم يتقولون ويضللون الشعب السوري، إنه هو المطلوب رقم واحد للشعب السوري، ليس لمحاكمته فقط وإنما للثأر لأرواح الشهداء، وآلام الأطفال والأرامل والأيتام، ولمعاناة شعب بكامله، ولوطن دمر ونكل بأهله.
على رأس النظام السعودي الملك سلمان وولي عهده، تسليم هذا الإرهابي والمجرم لمحاكمته في سورية قبل غيره، لأنه المطلوب رقم واحد لكل مواطن عربي سوري مسلم ومسيحي…..، إنه المسؤول مسؤولية قانونية وجنائية وسياسية وأخلاقية عن كامل المحتوى الذي بثته ولا تزال تبثه (العربية) و(الحدث) على أنه حقائق وليس تزييفاً،
وإذا كانت الحكومة السورية لا تستطيع في الوقت الحالي المطالبة أو ملاحقة هذا الإرهابي الإعلامي، فإنه من الممكن لأي مواطن سوري أو أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني على اختلافها، أن ترفع قضايا لدى المحاكم السورية أو في أي دولة أوربية،
أو في الولايات المتحدة أو كندا، تطلب فيها محاكمته وتسليمه للحكومة السورية بتهمة الإرهاب، وكما نعلم إن إرهاب الكلمة والصورة أخطر من إرهاب القذائف والمفخخات.

لقد دفعت السعودية 110 ملايين دولار لمركز مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، وأنشأت مركز اعتدال لمكافحة الفكر المتطرف في الرياض، وهي تتهم قطر صديق الأمس عدو اليوم، بدعم إرهابيين وتمويلهم وإيوائهم،
وقدمت للولايات المتحدة وترامب المليارات على شكل صفقات وهدايا، ماذا تسمي إذاً سلوكها السياسي في دول عديدة من بينها سورية، أليس دعماً للإرهاب والتطرف؟ سؤال برسم النظام السعودي، وبرسم بوقها الإعلامي الجنرال وليد آل إبراهيم.

 


<!–
var prefix = 'ma' + 'il' + 'to';
var path = 'hr' + 'ef' + '=';
var addy18202 = 'ziadarabih' + '@';
addy18202 = addy18202 + 'gmail' + '.' + 'com';
document.write('‘);
document.write(addy18202);
document.write(‘
‘);
//–>n
<!–
document.write('‘);
//–>
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

<!–
document.write('’);
//–>

العدد 1105 - 01/5/2024