من المستفيد مما جرى في الحسكة؟

منذ فترة لاحظنا ترتيبات وتحضيرات جديدة تخطط لها في محافظة الحسكة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، للنيل من الوطن السوري بتمزيقه إلى كيانات مذهبية متعددة، وقد استخدموا أوراقاً عديدة وفي أماكن مختلفة تحت اسم الديمقراطية وحقوق الإنسان والربيع العربي، ولم ينجح مخططها بشكل واضح في أي منطقة دخلتها، وهنا بدأت تستخدم ورقة جديدة ألا وهي زجّ الكرد في مواجهة الجيش العربي السوري، لكن البعض من الإخوة الكرد انجرّوا مع الأمريكان الذين يستخدمون سياسة الكذب والخداع، ولم تكن يوماً صادقة بشكل كامل مع حلفائها حتى النهاية.

لذا على الساسة الكرد أن لا يثقوا وألا يصدقوا الأمريكية، لأن حساباتها تتغير حسب ما تتطلبه مصلحتها. مثال على ذلك أنها بسرعة تخلت عن الكرد ودعمت حليفتها القديمة تركيا بتدخلها في منطقة جرابلس ضد قوات سورية الديمقراطية التي تحارب داعش، وتحالفها مع الكرد كان من أجل السيطرة على نفط المنطقة أولاً، وتمزيق الوطن السوري ثانياً، دون التفكير الجدي والحقيقي بمصلحة الكرد من أجل قيام كيان فيدرالي مستقل في منطقة الجزيرة، وعلى هذا الأساس زجّوهم في معركة لا يعرفون عقباها وذهب ضحيتها العشرات بل المئات من الضحايا بين الطرفين من المقاتلين والأبرياء، إلى جانب حرق بعض مؤسسات الدولة وتدمير بيوت ومحلات لمواطنين لا صلة لهم بكل ما جرى.

إذاً من دفع الثمن؟ أليس الشعب الذي شرد من بيته؟ وبعد هذا بدأ التحرك الشعبي والرسمي من أجل احتواء هذه المشكلة حتى لا تتحول إلى كارثة، ونحن كنا جميعاً بغنى عنها في هذه المرحلة الحرجة بالذات، لأن الوطن السوري بحاجة إلينا جميعاً، وما جرى لا يأتي بالفائدة لأي مكون من المكونات الموجودة في محافظتنا.. وهنا دفع شعب الحسكة الثمن غالياً، فقد نزح مئات العائلات وتركوا بيوتهم وأرزاقهم معرضة للنهب والسرقة من قبل الذين لا يريدون الخير والأمان والهدوء لأهل هذه المحافظة.

لذا علينا جميعاً أن نفكر دائماً بالعقل والمنطق، وأن يكون العقل هو سيد الأحكام في مثل هذه الظروف، وألا نسير وراء أهواء بعض الأشخاص أو السياسيين الذين لهم مصلحة خاصة هنا وهناك، والمستفيد الوحيد مما جرى في محافظتنا هو أمريكا وإسرائيل والسعودية الوهابية التي كان لها دور مالي كبير، وتركيا الأردوغانية، لأنهم لا يريدون السلامة والأمن والاستقرار للمكونات الموجودة في الجزيرة السورية.

وإنما يجب على الإنسان السياسي أن يكون يقظاً وحذراً، وأن يحلل الأمور بعقلانية قبل أن يندم على فعلته، لأنه يفقد قيمته ومكانه ووجوده في مجتمعه وبين المكونات الأخرى التي تشاركه في الحياة العملية والسياسية للحفاظ على أمن وسلامة المجتمع. ومن هنا جاء دور الوطنيين والشرفاء من أبناء الحسكة والدولة والأصدقاء، لاحتواء مثل هذا العمل قبل أن يتحول إلى كارثة إنسانية تنعكس سلباً على جميع المكونات.

والرابح الوحيد دائماً هو من كان وراء مثل هذا التوتر وعدم الاستقرار، لذا نناشد جميع العقلاء من سياسيين وعسكريين أن لا ينجرفوا وراء مصالح تلك الدول التي لا تريد الخير والأمان والاستقرار للمكونات الموجودة في محافظتنا، وأن نكون متآخين فيما بيننا، نعمل من أجل وحدة هذا الشعب ضد عدونا المشترك ألا وهو إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية الوهابية وتركيا.

وأخيراً وصلنا إلى قناعة تامة أن حل المشاكل بقوة السلاح غير ممكن، ولا حلّ إلا باستخدام العقل الذي يعتبر سيد الأحكام.

العدد 1107 - 22/5/2024