تيمّن باسمه فارتقى شهيداً !

 لم يسبق لنا أن التقينا معاً، وإنما كانت معلوماتي عنه عبر آخرين عرفوا ما عرفوا عنه سمعاً ومشاهدة، ولما كان للمرء ما له وعليه ما عليه، ومنه أن يشهـد بما يعرف، لاسيما إذا كان موضوع الشهادة قد غادر دنيانا، فهكذا عرفت اللواء الراحل عصام زهر الدين (أبا يعرب).

لم يكن معصوماً عن الخطأ، لكنه تحاشاه ما استطاع، لا ضعفاً ولا خوفاً، وهو القوي المقدام، وإنما انجذاباً لجادة الحق.

كان مغرماً بجمال الوجود خلقاً وخُلقاً، بما فيه الورد والزهر، لكن بعيداً عن أزهار الشر، على الرغم من إغراءاتها، لا قصر حربة أو وهن عزيمة، وهو النافذ الرجل، بل انحيازاً لزهر الدين، ولقناعة راسخة لديه أن الدين خير خالص، وأن المعاملة هي رأس الدين، ما جعل تعامله مع الآخرين جميعاً كباراً وصغاراً، رجالاً ونساء، عسكريين ومدنيين، يتصف بالمروءة والود والتواضع.

لما كان من مسلمات الحقائق أن الإقرار بإنسانية الإنسان كان من كان وأين كان واحترامها لذاتها، هو إقرار بإنسانية العربي، فإنه لمن تحصيل الحاصل لمن يعتز بعروبته تكنّياً وقولاً وفعلاً، أن يعتز بسورية ويفاديها بأغلى ما يملك، خاصة إذا كان مؤمناً متوقداً من متمثلي قول الشاعر ومردديه:

بالروح نفدي وطنّا

لو صاح صوت المنادي… بالروح نفدي وطنّا

بشرعنا الموت سنّة… يا مرحبا بالشهادة

بشرعنا الموت سنّة

تأسياً بما سبق وصدوراً عنه، لا غرو لابن جبل العرب (ابي يعرب) الذي ينتسب لصلاح الدين الأيوبي وعز الدين القسام، لفوزي القاوقجي وفارس الخوري، لصالح العلي وإبراهيم هنانو، لمحمد الأشمر وسلطان باشا الأطرش، ولجده الأقرب واكد زهر الدين، الذي أجار (سلطان الرشيد) وحماه من بطش العثمانيين.

نقول لا غرو ولا غرو ولا غرابة لأبي يعرب، أن يستبسل مع رفاقه في الدفاع عن الأرض والعرض ومقاومة الإرهاب المسلح في مختلف معارك التحرير وعلى امتداد ربوع الوطن سهلاً وجبلاً:

بدءاً من دمشق وغوطتها، مروراً بالتل وحمص وحماة، وصولاً إلى الحسكة ودير الزور، حيث قوتل وقاتل، وحوصر وحاصر، حتى لاقى ربه بوسامي النصر والشهادة.

العدد 1105 - 01/5/2024