أيمن أبو الشعر.. الشاعر الذي ظل على العهد!

طلال الإمام_ السويد:

‎مع اقتراب الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي السوري، لابد من إلقاء الضوء على

‎المناضلين الذين قدموا ويقدمون تضحيات جمة من اجل قضايا الوطن والشعب.. كانوا في المعامل والمزارع في المدارس والأحياء الشعبية في مقدمة المناضلين من أجل غد أفضل. نقدم اليوم أحد هؤلاء: الشاعر أيمن أبو الشعر.

نقول بدايةً إن هذه المادة اعتمدت على الذاكرة الشخصية، لأني عايشت جانباً من تجربة هذا المبدع في حمص، الشام وموسكو، وعلى حوارات مع من عاصر إبداعات أيمن أبو الشعر، وأخيراً على أحاديث مع الشاعر نفسه، وعلى بعض الكتابات التي تحدثت عنه في مختلف وسائل الإعلام.

 

مقدمة لا بد منها

‎استقطب الحزب الشيوعي السوري خلال مسيرته النضالية كوكبة من خيرة المبدعين في ‎سورية في مختلف الفنون النثرية كحنا مينة، وحسيب كيالي، ونصر الدين البحرة، وسعيد حورانية، ووليد معماري، وغيرهم، وفي مجال الشعر كشوقي بغدادي، وميخائيل عيد، وأيمن أبو الشعر وغيرهم، وكان هاجسهم جميعاً نصرة المظلومين والوقوف إلى جانب الفقراء والمقهورين، والنضال في سبيل غد أفضل. امتازت تجربة أيمن أبو الشعر بالتماهي بين التجربة النضالية وتجربته الفنية، بالمزج بين الحس النضالي والنضال بالفن والموسيقا والغناء، وظلت هذه التجربة وفيه لهذا الدرب.

‎-مايا الدمشقي- المجد للصمود

‎معظم رفاق الرعيل الذي عايش تجربة الشاعر أيمن أبو الشعر بات يعرف أن هذه المجموعة الشعرية التي صدرت حينذاك باسم مستعار هي للرفيق الشاعر أيمن أبو الشعر، وذلك تيمّناً بماياكوفسكي شاعر الثورة البلشفية، وقد صدرت المجموعة مصورة بخط اليد، وهي في الواقع مجموعة القصائد التحريضية البسيطة شبه الشعبية التي كان الشاعر يرددها في الرحلات الشبابية والاحتفالات والسهرات وهو يعزف على العود، أو يلحن بعضها ويغنيها ، والمثير في الأمر أن أول قصيدة بسيطة تحولت إلى نشيد في حينها كتبها الشاعر وبات يغنيها في اللقاءات وهو شاب عضو في اتحاد الشباب الديمقراطي، وهي نشيد (ثائرون) الذي بات على كل الشفاه في حينه، وللدلالة على أن هذا النشيد كتبه وغناه الشاعر أيمن أبو الشعر كأول من اختط الأغنية السياسية في سورية أنه يقول في أحد أبيات النشيد:

‎شعبُ فييتنام الشعارْ نصرُه في الأفقِ لاحْ

‎وبما أن تحرير فييتنام تحقق عام 1975 والنشيد ظل يتردد لسنوات عديدة قبل ذلك مع بعض الأغاني الأخرى من أشعاره المبكرة، فهذا يؤكد أنه كان من أوائل الذين بدؤوا بالأغنية السياسية، فهو هنا يبشر بأن نصر فييتنام قريب، أي أنه غناها قبل سنوات من تحرر فييتنام، وربما أواسط الستينات.

‎ كانت بداية نوعية حتى أن الكاتب نصر الدين البحرة لفت في تقديمه للشاعر في إحدى أمسياته أن أيمن أبو الشعر وصل إلى الناس في القرى والأرياف قبل المدن، فقد كان يزورها حاملاً عوده يغني أشعاره، وتوقف الشاعر شوقي بغدادي مليّاً عند هذه الظاهرة التي قال إنه سمع بها منذ أن كان مدرساً في الجزائر، ما يؤكد ما ذهبنا إليه، وأوضح بغدادي أن أيمن أبو الشعر مثيل لشعراء التروبادور وهو يحمل عوده ويتنقل به مغنياً قصائده للفلاحين والفقراء، وبالتالي كما يقول بغدادي بدأ مختلفاً عن بقية الشعراء. كما توقف الأديب والباحث الموسيقي ياسر المالح مليّاً عند توقّد الموسيقا في أشعار أيمن أبو الشعر، وتناسبها مع المقامات الموسيقية معتبراً تجربته الفنية مميزة ومشيداً بنفَسه الطويل في الأداء الصوتي.

 

‎تراث رائع لا بد من إحيائه

‎أذكر جيداً كيف كانت تشتعل الاحتفالات والرحلات والسهرات حين يكون أيمن موجوداً، وهو يعزف ويؤدي الأغاني والأناشيد، والجميع يردد معه بكل حماس، تابعت ذلك في حمص وفي موسكو، فقد وصل أيمن إلى موسكو لمتابعة الدراسات العليا وإلى جانبه دائماً عوده، وكنا نردد في المناسبات الوطنية والاحتفالات الحزبية تلك الأناشيد الرائعة التي شكلت حقاً القسم الأكبر من تراث الحزب الفني. طبعاً الظروف اختلفت كثيراً بعد الانقسامات التي أرهقت الحزب جدّياً، وظل أيمن يحاول رأب الصدع دائماً، وقد أسرَّ لي ذات يوم أنه كتب أحد أبيات نشيد الحزب من وحي تلك المرحلة، رافضاً أن يتحول الرفاق إلى خصوم، يقول في أحد مقاطع نشيد الحزب:

‎أيُّها المسحوقُ قُلْ لي هل تُطيقْ رِبقَةَ الذلِّ وأطواقَ الرقيقْ

‎سِرْ معي للنورِ للفجرِ الطليقْ كي أناديكَ حبيبي يا رفيقْ

‎نعم بكل هذا التجلي والتألق حبيبي يا رفيق!

حب الشعب هو الجائزة

‎ صحيح أن أيمن أبو الشعر حصل على أهم جائزة يعتز بها، وهي حب الناس له وتردادها لأشعاره وتناقلها عبر أشرطة التسجيل، وهناك انطباعات رائعة هائلة نقلها مثلاً بعض الرفاق من الجزيرة السورية ومختلف المدن والقرى على امتداد الوطن حيث استُقبل أيمن وعوده بالأرز والورود والزغاريد.. هذا رائع كتقدير مودة، ولكن الأروع أن نحيي تراث الحزب الفني الذي تركه الشاعر الرفيق أيمن أبو الشعر وأذكر من هذا النتاج من كلماته وألحانه:

‎1-      نشيد الحزب الشيوعي السوري، وعلمت منه أنه تم إحياؤه بتوزيع الفنان وليم حسن وأداء فرقة النور، والأرجح أن يبث في الذكرى المئوية.

‎2-      نشيد ثائرون

‎3-      نشيد الشباب الديمقراطي السوري

‎4-      نشيد الأرض (الفلاحين)

‎5-      نشيد الطلائع (للأطفال)

‎6-      الأممية العاشقة

‎7-      تل الزعتر

‎8-      المجد للصمود (عن عبد الخالق محجوب)

‎9-      الرجفة الحمراء

‎10-    اسكتش قطار الشرق السريع

‎11-    أوبريت أوديب ثائراً، لمدة ربع ساعة بإسقاط على القضية الفلسطينية شارك بالعزف على الكمان الفنان مروان غريبة والغناء للفنان المطرب فهد يغن.

‎12-    نشيد مواكب الربيع (تلحين الرفيق الفنان حسن عبد الدين)

‎13-    لو كان جسمي مثل فكري (تلحين الرفيق منيب هديب)

‎وأعمال جديدة منها:

‎14-    -أغنية الشعب (وطن حر وشعب سعيد) تلحين أيمن أبو الشعر، وهي قيد التنفيذ.

‎15-    يا خالد (تلحين الرفيق الفنان وليم حسن غناء المطربة لانا هابراسو).

‎16-    أشرف الألوان (تلحين الفنان معن دوارة غناء المطربة لانا هابراسو).

‎17-    عودة شهيد (تلحين الفنان معن دوارة غناء المطربة لانا هابراسو).

‎18-    انهض (تلحين الفنان معن دوارة غناء المطربة لانا هابراسو).

‎19-    حصار غزة (تلحين الفنان معن دوارة غناء المطربة لانا هابراسو).

‎20-    وهناك قرابة عشر قصائد لحنها الفنان اليمني الكبير الملحن نجيب سعيد ثابت وبثت في عدن في الإذاعة والتلفزيون.

‎وغيرها من الأعمال التي تحتاج إلى جمع وتوزيع، بما في ذلك بعض القصائد العالمية مثل كاتيوشا الشهيرة وقصيدتان لرسول حمزاتوف من ترجمة الشاعر أيمن أبو الشعر غناء لانا هابراسو وغيرها! الرائع أن قسماً كبيراً منها تحول إلى كليبات ونشرت روابط بعضها في صحيفة (النور) ما يعني أن نصف المهمة باتت محلولة ويبقى المطلوب هو الجمع والنشر على نطاق واسع.

(هي مسؤولية كبيرة لكنها ليست مستحيلة خاصة أن الشاعر أيمن أبو الشعر أصيب منذ سنوات بإنسولت، ولم يعد يستطيع أن يعزف على العود. مهمة جميلة وضرورية وجديرة بالاهتمام أنها إحياء تراث الحزب الفني وتوزيعه مع الاهتمام بالنتاجات الفنية الجديدة الحضارية والتقدمية).

العدد 1140 - 22/01/2025