أنقِذوا الطفولة!

ليلاس عرقسوسي:

هذا جناه أبي عليَّ        وما جنيتُ على أحد

بهذه الكلماتِ القليلة أثارَ المعرّي جدلاً واسعاً حول فكرةٍ قديمةٍ جديدة هي قضية الإنجاب، ونبّه إلى الضريبَة التي يدفعها الأولادُ كلَّ حياتهم من فقرٍ وتشرّد وبؤسٍ وإهمال.. مقابل ذنبٍ لم يقترفوه، فهم أتوا إلى الحياةِ دونَ إرادةٍ منهم، وأبسط حقوقهم علينا أن لا ننجبهم إلاّ حين نوفّر لهم سُبل الحياة الكريمة، وحين نكون قادرين على رعايتهم نفسيّاً وماديّاً.

إنَّ أمّة الفقر تُنجب بلا تفكير، وتتناسل بكلِّ عشوائية، لتخلِّف المزيد من الضحايا المساكين بحجّةِ أنّهم يولدون ومعهم أرزاقهم، والحصيلةُ مزيد من الأطفالِ المشردين، جائعين وحفاة عراة ينامون على الرّصيف ومستقبلهم مُحدّدٌ بينَ دعارةٍ وإجرام.

أعتقد أنّ الإنجاب العشوائي بات أمراً لا بدّ من الاهتمام به، ولعلّ أولَ أسبابه الجهلُ والاعتقادُ الخاطئ بأن كثرة الأولادِ عزوةٌ وسند، وفي الحقيقة ما هي إلاَّ مسؤولية مضاعفةٌ على عاتق الأهل، وقد قيل في المثل: (قلِّل ودلِّل) فإنجابك ولدين وكفايتهم نفسيّاً وماديّاً وتربيتهم تربية سليمةً ليكونوا أشخاصاً أسوياء وأعضاء فاعلين في المجتمع، خيرٌ لك من إنجاب عشرة أولاد ليربيهم الشّارع على الإجرام والسرقة والشذوذ، فيكبرون مليئين بالعقد النفسية ويُمسون عالة على المجتمع، فأي عزوة أو سند يُرجى منهم؟

يقول نيتشه:

(لكي تبني الأطفال عليك أن تبنيَ نفسَك أولاً، وإلّا فإنَّك تريد إنجاب أطفالٍ بدافعِ الاحتياجاتِ الحيوانية، أو الوحدة أو لسدِّ الثقوبِ في نفسِك، إنَّ مهمّتك كأبٍ تكمن في ألاّ تنجب نفسك، بل أن تنجبَ شيئاَ أرقى).

وبرأيي إنّ الحلّ الأمثل للسيطرة على هذه الظاهرة التي باتت آثارها تُدمي القلب وتشلُّ أركان المجتمع هو أخذ خطوة جريئة ولو تطلَّب الأمرُ فرض سياسة تحديد النّسل بسلطة القانون.

العدد 1140 - 22/01/2025