بين جسر الحياة ونفق الثورة
أكثر العبارات التي تناولت موضوع التفجير الإجرامي في دمشق، تمحورت حول مكان الانفجار الذي يحكي قدرية السوريين (تحت جسر الحياة)، (أمام نفق الثورة)، لتظهر صورة ما يحدث في سورية، في مشهد مروّع، قدرية المكان والزمان، يموتون تحت جسر الحياة وهم في طريقهم إلى الثورة التي أصبح الطريق إليها ممزوجاً بالدم ليمرّ بنفق مظلم، نفقاً هو أقرب إلى الموت منه إلى الحياة، فالسلاح أصبح هو المتحكم في كل شيء وصوته بات الصوت الأعلى والأقوى.
فعندما يعلو صوت السلاح لن نسمع أصواتاً أخرى، لن تسمع أصوات من يريد الحوار ممن يريد السلام والإصلاح ونمو البلاد وتطورها، وسيخسر الجميع حتماً. كيف ستخرج سورية من ركام الدمار والموت والانتقام؟ كيف سنعثر نحن السوريين شباباً وشابات على أبوابٍ تتسع للجميع؟
هذا هو دورنا، وهذا هو جهادنا: البحث عن سبل لنلتقي بدل أن نجترّ علقم الحقد والخوف، سورية ملتقى الحضارات والأديان المتنوعة لن يصعب عليها الوصول إلى مكان آمن، فتجارب العالم كلّها تؤكّد قوّة الكلمة وتأثيرها في التغيير، وهشاشة السلاح الذي قد يربح جولة لكنه لن ينتصر..
علينا لملمة جراحنا، المسامحة قدر الإمكان والنهوض لفتح صفحة جديدة لا تخلو من المحاسبات العلنية، وإعادة التأهيل والهيكلية في القوانين والإدارة والمؤسسات، والاعتراف بكل الدم الذي هدر، والتعويض المعنوي والمادي لكل من عانى التشرد أو الحرمان. لنستمع بعضنا لبعض، لكل مواطن وجهة نظر فيما يحدث، يجب الاعتراف بالآراء كلها، واحترام الألم والخوف ومنح الأمان، ليكون الوطن هو الحضن الدافئ الذي يمكن أن يكون ملاذاً للجميع، بعيداً عن السلاح والقتل، يكفينا دماراً! يكفينا تشوهاً! يكفينا ما فعلناه بحق أطفالنا الذين قتلوا وتشردوا وصدموا، والذين سيحملون وزر ما فعلناه لأجيال قادمة. هل نقف ونقول كفى؟ هل سنعترف بأخطائنا ونلملم الجراح، أم أننا سننتظر من يتربص بنا ليهجم علينا بعد أن أنهكْنا أرواحنا وأجسادنا وأصبحنا لقمة سهلة بأيدي مجرمي الحروب وزارعي الفتن وسارقي ثروات الأرض، الباحثين دوماً عن السلطة والمال ليتحكموا بالعالم كله ويسيطروا، وقد وضعوا الإنسان تحت أقدامهم، فهو آخر ما يهمهم ويشغلهم.