شباب امتهنوا نكران الذات… لأجل العمل الإنساني

الإنسانية.. العالمية.. الحياد.. الاستقلالية.. الوحدة.. عدم التحيز.. التطوعية.

تحت هذه المفاهيم تعمل مجموعة شبابية أغلبهم تحت الثلاثين، من عمال وطلاب مدارس ومعاهد وجامعيين وخريجي جامعات وطلاب كلية الطب والصيدلة والهندسات والحقوق والاقتصاد.. خريجي كلية الفنون الجميلة ومرشدين اجتماعيين ومعلمات وأطباء… جيل متقارب تطوعوا للعمل الإنساني في منظمة الهلال الأحمر في شعبة عفرين، لا يمتون بأي صلة إلى أي حزب أو منظمة سياسية أو جمعية أو منتدى أو جهة أمنية أو حكومية، فقط للهلال الأحمر العربي السوري، تجاوز عددهم بضع مئات من شباب وشابات.

عندما تلتقي بهم في مقرهم تدرك ما هو أهمية العمل الإنساني الذي يقومون به كشباب أتقنوا نكران الذات لكي يخدموا الناس والمجتمع والمحتاجين ضمن الإمكانات المتوفرة لديهم، من تقديم المعونات الغذائية والدوائية والتطبيب والإغاثة، وأحياناً من لباس إن توفر.

أعمالهم ونشاطاتهم وحياتهم كلها مكرسة للإنسان، ويسعون للإنسان، بعيداً عن كل المؤثرات والانتماءات. يوزعون المعونات التي تأتيهم، يطببون الناس مجاناً أو بأسعار رمزية، يعود ريعها للمنظمة نفسها ، يقيمون ورشات عمل دائمة في أي مكان أو قرية بعيدة أو قريبة في مجال الإسعافات الأولية وطب الطوارئ، وفي حالات الحوادث والكوارث والحروب والمناورات الميدانية الواسعة، بمشاركة الأهالي والناس في المنطقة الموجودين فيها.

مهما تحدثنا وأحصينا الأعمال الإنسانية التي يقومون بها فلن تحصى، والكلمات لن توفيهم حقهم. وهم بحاجة إلى التشجيع والدعم المادي والمعنوي ليكملوا مشوارهم الإنساني.

يعملون بهدوء وصمت ولكنهم كخلية نحل في حالة من النشاط وحركة دائمة، ليس لديهم مطمع ذاتي أو غاية ما، في نهاية نهارهم يذهبون إلى بيوتهم مرتاحي البال على أعمالهم لمساعدة الناس ضمن إمكاناتهم.

عندما بدأت حركة النزوح بين المحافظات وصل إلى مدينة عفرين بضعة آلاف من النازحين من المناطق المنكوبة والساخنة، فقام هؤلاء الشباب بفتح المدارس في المنطقة وعملوا على تأمين المسكن واللباس والمواد الغذائية والطبية و الأدوية المتوفرة لديهم. ولم يتوقفوا عنما كانوا يقدمونه سابقاً للناس.

إلى الآن يتوافد إليهم مئات من الناس والنازحين ومن يحتاج إلى معونة أو طبابة. يقدمها بعض الأطباء ويقدمون بعض الأدوية إن توفرت.لم يكتفوا بالعمل الميداني لتقديم المعونات والطبابة والمساعدات، إذ يقومون أيضاً بورشات عمل متواصلة تثقيفية وتوعية عن بناء الشخصية وعن التواصل مع الناس من جميع الشرائح، وعن التعريف بمنظمة الهلال الأحمر وعملها، من خلال المتطوعين الذين يعملون في مجال التنمية البشرية والإرشاد النفسي والاجتماعي، تقدمها المرشدة النفسية والاجتماعية الآنسة أحلام كنجو. كما أقاموا مؤخراً دورات تمريضية إسعافية منزلية في عدة مناطق وقرى لمئات الشباب الشابات الذين يتوافدون أسبوعياً للتعلم والاستفادة، وإقامة دورات تعليم رسم للأطفال، التي تقدمها الآنسة شيرين مصطفى خريجة كلية الفنون بأجور رمزية، يعود ريعها للمنظمة. وأيضاً دورات اللغة الإنكليزية والتركية التي يقدمها الأستاذ حسن حسو في مقر منظمة الهلال بعفرين.

في هذه الظروف العصيبة والمحن القاسية يقوم هؤلاء الشباب والشابات بالعمل الإنساني وتقديم المساعدات والمعونات كلها تحت بند نكران الذات في سبيل المجتمع ودون مقابل، وقد بدؤوا يؤثرون في مجتمعهم ومنطقتهم بشكل مباشر وغير مباشر، وأعطى عملهم الكثير من الأمل في هذه الظروف للناس من حولهم، وهم مقتنعون بأن هذا الشكل من العمل له الاستمرارية والديمومة. فتحية لهم على نكران ذاتهم ولما وصلوا إليه من إثبات أنفسهم في بيئتهم ومجتمعهم!

العدد 1140 - 22/01/2025