وراء القضبان
في كثير من الأحيان يدفع الإنسان ثمناً لشيء لم يفعله، أو ثمناً لشيء يفعله دون تخطيط أو تفكير، ما يؤدي به إلى خسارة مكان عزيز أو شخص عزيز على قلبه.
في أحيان أخرى يمرّ أشخاص في حياتنا لم نكن نتوقع مرورهم، ويتركوننا دون أن يخطر ببالنا وداعهم، لنجد بعد رحيلهم أنهم تركوا أثراً فينا يذكّرنا بهم دوماً..
في كثير من الأحيان يكون شخص في حياتنا ويستقر ليكون أيقونة، أيقونة حب، حلم، أمل وسعادة..وفجأة يبتعد هذا الشخص بعدما قدّم لنا الكثير وما زلنا ننتظر منه المزيد، فيرحل دون أن يقول لنا كلمة وداع، تاركاً إيانا بين ذراعي القدر وذلّه، فإما أن يعود أو لا يعود..
نعم، نحن نفقد الكثيرين ممن نحبهم، وممن يقدمون لنا الدعم دون مقابل، ولا نستطيع تعويضهم بأي شخص آخر، فما قدموه لنا من الحب والسعادة والحنان، حلّ محله عند ذهابهم ألم وحزن وشقاء قد زرع في قلوبنا لحين عودتهم، وأحياناً يساعدنا القدر فيقف معنا من جديد لتكون نهاية الفراق ونلتقي مع الأحبة، فيعود الأمل إلى نفوسنا …
وهذا ما حدث مع سحر، الفتاة الحالمة القوية التي غاب عنها والدها، وبحثت عنه كثيراً إلى أن وجدته، لكن.. خلف القضبان.
تقول سحر عن لقائها الأول مع والدها : لم أستطع أن أرى سوى تلك الدموع التي سبقت حلاوة الكلام ولذته، حين ملأت عينيه، دموع قد اقتسمناها معاً عند لهفة اللقاء، وهي التي كسرت جدار الصمت الذي خيّم علينا وقتئذ..بعد طول الفراق رأيناه، لكن لم نستطع الاقتراب منه، فالقضبان وقفت حائلاً دون ذلك، منعتنا من الاقتراب، من لمس يديه بعد كل هذا الغياب..كم تمنيت في كثير من اللحظات أن تختفي تلك القضبان الحديدية وتجف عيناي من الدموع ولو للحظة واحدة، لأراه بالصورة الحقيقية التي علقت في مخيلتي، منذ أن غاب عنا، لأسرع بلهفة وأقترب منه، أقبّله، وأشم رائحة جسده التي حرمنا منها منذ زمن، لكن لم أستطع، القضبان منعتنا..
هذا ما قالته سحر، لكنها أكدت أن حلمها سيفتح تلك القضبان، وسيعودون مع والدها إلى البيت الذي طالما كان سكينة لهم جميعاً..