خبّرني يا طير!

هذا المجتمع، لديه، على ما يبدو، استعداد تام ودائم لإنتاج الطغاة، وخاصة من الرجال، ففي كل يوم نسمع قصصاً عن حالات طلاق تعسفي بحق نساء، في أماكن مختلفة ومن بيئات مختلفة، ونسمع بحالات من العنف الجسدي والنفسي يمارس بحق المرأة، هي قصص وأسبابها مختلفة أيضاً تؤدي بالمرأة الى جهنم الأهل المتذمرين بعد جهنّم الزوج، فهم ينتقدون  المرأة ويضعون اللوم عليها دائماً بحجة العادات والتقاليد.

كثيرات من النساء أصبحن لاجئات داخل الوطن أو بالأحرى منفيات، فالبقاء للأقوى والأشرس، وهذه من صفات الرجل بشكل عام، كل هذا بسبب الصمت الذي وضعت فيه المرأة نفسها مجبرة من قبل المجتمع، لكن الآن انتهى زمن الصمت، ولا بد من الحديث عن كل هذا الظلم الذي تعيشه المرأة..

ففي كل يوم نسمع بحالات طلاق جديدة، خصوصاً في هذه الأزمة، فالرجل بات قادراً على الزواج من امرأة أخرى دون تكاليف ماديّة، فقد كثرت النساء والأرامل والمهجرات من منازلهن ممن يحتجن إلى مأوى لهن بعيداً عن الشارع، والرجل هنا الذي يبدو بحلته الوديعة لا يقصّر، فببساطة يتزوج أخرى أو يطلق زوجته ويتزوج …ويقول ببساطة: (تغيير الوجوه رحمة)!!!

فهاهي ذي ميمونة، مطلّقة بعد زواج دام ثمانية عشر عاماً، ولدان، وفتاة بعمر سبع سنوات، تزوج زوجها بامرأة أخرى، وبعد فترة طلق ميمونة بحجة أنها لم تعد تفهم عليه، لم يأتها الظلم من زوجها فقط، بل من القضاء الشرعي الذي، بالرغم من أنه يحفظ لها حقها في حضانة طفلتها، إلا أنه يسمح بزيارة الأب لابنته، وأن يأخذها معه ليوم كامل دون النظر إلى الظروف المحيطة، ففي أحد الأيام جاء الأب في موعد الزيارة وأخذ ابنته وسافر بها إلى محافظة أخرى، ورفض إعادتها وقطع كل وسائل التواصل وحرم الأم من ابنتها، فالأماكن التي ذهب إليها من المناطق الساخنة، فلا تستطيع ميمونة الذهاب إليها، وها قد مرّ عامان على الواقعة ولم يحدث جديد، فلا هي تعرف مكانها ولا تستطيع الوصول إلى أي خبر عنهم..

هي قصة ربما سردت بأسطر قليلة، لكن الأم مرّت بأيام صعبة من معاناة وألم وحرقة من الشوق، تتمنى اللقاء مع ابنتها ولو للحظة.. نحن لسنا في برنامج (خبرني ياطير) لكن نتمنى لو أنه يحدث في الواقع لنجد من فقدناه وليعيد اللقاء بين القريب والبعيد وأن تتحقق العدالة، لكن علينا ألا نيأس، فلا بد من أن يوجد فاعل الخير هذا صاحب القلب الأبيض الذي يساهم في شفاء الجروح.

وبالعودة إلى الرجل الطاغية المحاط بدعم القانون والعادات، أقول إنه سيبقى مثله الكثير ما لم يتغيّر شيء بشأن الظلم الذي تتعرض له النساء، فأصوات أنين كثيرة لو أنصتنا لسمعناها من نساء خلف الجدران.

العدد 1140 - 22/01/2025