العنف يعيق حوار السوريين
شهدت سورية منذ بدء الأزمة التي تعيشها محاولات للحوار بين جميع الأطراف المعنية بالأزمة في محاولة لمنع جرّ البلاد إلى حرب داخلية لا تُحمد عقباها، لكن مما لا شك فيه أنها تعيش أزمة سياسية محكمة انقسم فيها الشارع السوري إلى أطراف متباينة الأهداف ومختلفة الطروحات، حتى وصل الأمر بالبعض إلى اتخاذ العنف وسيلة لنشر أفكار بعيدة كل البعد عن ثقافة المجتمع السوري.
ففي ظل الأزمة المركبة التي تعصف ببنية المجتمع السوري، وتلامس لقمة عيش المواطن، خاصة بعد العقوبات الجائرة التي فرضها المعسكر الغربي وتدخل أطراف خارجية عديدة، وتقديمها الدعم العسكري والمالي للجماعات المسلحة، ففي ظل هذا الوضع عاد الحديث مؤخراً عن حوارٍ وطني والتأكيد أن أي حوار لا يأخذ بعين الاعتبار نبض الشارع ومطالبه المشروعة هو حوار فاشل مسبقاً.
وللوقوف حول آراء الشباب من الحوار المزمع متابعته الشهر القادم التقت «النور» عدداً من طلاب جامعة دمشق، الذين تباينت آراؤهم بين مؤيد للحوار ومعارض له، فطالب كلية الطب وسام أكد أن الأزمة السورية لن تحل إلا بحوار داخلي سوري – سوري، مشيراً أن أسس الحوار المطروحة اليوم ضعيفة إن لم تكن معدومة مع عدم وجود أرضية مشتركة بين الأطراف كاملة، مشدداً أنَّ المطالب التي تثيرها المعارضة السورية المرتهنة للخارج تتغير حسب المزاج الخارجي، وهو ما أشار إليه طالب العلوم علي الذي رأى أن الحوار لن يجدي نفعاً مع تمسك المعارضة بالحلّ العسكري، منوهاً أن الشعب السوري رفض المعارضة وسلوكها المتطرف والإرهابي بحق المدنيين كالقصف العشوائي للمدن بالهاون والصواريخ.
في حين قال طالب الهندسة المدنية عماد: منذ بدء خروج المظاهرات في سورية كان هناك رفض قاطع لأي حوار مع الدولة السورية لأسباب كثيرة داخلية وخارجية، على الرغم من الدعوات المتكررة التي دعت إليها الدولة لإجراء حوار، واستجابت لمطالب كثيرة كرفع حالة الطوارئ وتغيير الدستور وإلغاء المادة الثامنة منه، كما شكلت حكومة جديدة أجريت انتخابات رئاسية، لكن كل محاولات الحوار لإيجاد مخرج للأزمة السورية لم تجد آذاناً مصغية، الأمر الذي رفضه طالب الآداب محمد قائلاً: (إن الحكومة السورية كانت تنادي بالحوار لكنها لم تكن جادة به، وما الاعتقالات التعسفية بحق المدنيين والكثير من السياسيين المعارضين من دون تهمة أو محاكمة إلا دليل على ذلك، وهو ما ساهم في اتساع الهوة بين جميع الأطراف، داعياً الجميع لوقف حمام الدم السوري والتوجه للحوار علّنا نجتاز النفق المظلم الذي دخلنا فيه.
ختاماً فإن جميع السوريين مهما كانت انتماءاتهم أو قناعاتهم سيؤيدون أي اتفاق يسفر عنه الحوار، إذا لمسوا فيه حلولاً منطقية تعتمد على الدستور ومبادئ المواطنة، وتنهي حالة العنف خاصة بعد المعاناة الكبيرة التي تحمّلها الشعب من تهجير وتجويع، كل ذلك مع كثرة المترصدين بالوطن من دعاة الدمار والتخريب، والمستفيدين من نشر الخوف والرعب وإفشال أي محاولة للحوار.
ويبقى السؤال في الختام هل سينجح الحوار القادم ويحقق آمال السوريين؟!