أمهات سورية.. لكنّ ينحني الصبر والشموخ
منذ سنوات أربع ما تزال الأمهات والنساء في بلادي يرفلن بسواد غطى مساحات الروح والزمان.. سنوات أربع والحزن والقهر رفيق أيامهن، والبؤس والفاقة قدرهن..
سنوات أربع سرقت آمالهن وأحلامهن بمستقبل آمن لهنّ وأولادهن.. فتهن في دروب الحياة ومجاهلها باحثات عن ملاذ آمن يحفظ لهنّ ما تبقى من كرامة تلاشت أمام ويلات حرب لم ترحم بشراً ولا حجراً.. حرب التهمت كل ما يمتلكن، مثلما التهمت فلذات أكبادهن وإخوتهن وأزواجهن قتلاً أو خطفاً أو اعتقالاً أو سفراً نحو المجهول هرباً من جحيم اغتال كل مآلات الحياة والمستقبل..
رغم أن تلك السنوات بفواجعها لم تترك لهنّ سوى القهر زاداً وأنين الروح ملاذاً.. إلاّ أنهن ما زلن صامدات في وجه رياح حرب عبثية مجنونة، يُصارعن قدرهن أملاً بسلام يرجونه قريباً، علّه يُعيد لهنّ بعضاً من استقرار وأمان، ويُعيدهن إلى ديارهن وبيوتهن وأسرهن التي تشتت أفرادها في أصقاع الأرض.. سلام علّه يعيد لأحضانهن أبناء هاجروا إلى بلاد ربما تمنحهم بعضاً من إنسانية أهدرتها تلك الحرب..
رغم مرور تلك السنوات بكل مآسيها مازالت النساء والأمهات في بلادي يتشبثن بصبر انحنى خجلاً أمام عظمتهن التي أذهلت الكون..
فتحية حبٍ وتقديرٍ لكل أمهات بلادي بيوم عيدهن…
وإلى جميع أمهات الشهداء تحية عرفانٍ بأمومةٍ معطاءةٍ بناءة.. ووردة وفاءٍ نقدمها لهن، علّها تمسح دموع الشوق في مآقيهن… لنقول لهنّ كل عام وأنتنّ فخرنا ونبراسنا.. كل عام والأمل والصبر زادكن أمهات بلادي..