الشباب شعلة متقدة

للنهوض الصحيح بأي مجتمع، حتماً يكون القائد لأي تغيير وصعود غالباً هو جيل الشباب المتحرر من كل القيود الطائفية والإثنية والعرقية، الرافض لفكرة التطلع إلى الخلف، المتحمّس للعمل حسب النظم الحديثة فكرياً وثقافياً وعلمياً، جيل الشباب المتحفز دائماً لعدم الارتباط برواسب التخلف الفكري الموروثة التي تكون في غالبيتها إعاقة لمسيرة الحضارة والتطور، وبالتالي تعيق حركة الإنسان الذي هو المكون الأساسي للمجتمع.

إن توازن الأفكار السياسية المحلية، وتفاعلها مع الأفكار العالمية المتقدمة، وإغناءها بالتبادل الثقافي المتحضر، والانفتاح على المشاركة الفعلية بين أفكار المجتمع المحلي والمجتمعات المتطورة، هي حلم الشباب والمطالب التي يرغبون بتحقيقها ويعملون لأجلها، مثلما يطالبون بالوفاق العقلاني، وحرية تبادل الأفكار والتعبير، وتفعيل المبادرات التنموية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية الصحيحة للنهوض السليم بالمجتمع. 

تظهر بعض المبادرات الشبابية المنظمة كتجمعات أهلية غير رسمية، للعمل بشكل جماعي بما يفيد المجتمع من عدة نواحٍ، وأهمها الأعمال التطوعية في شتى مجالات الخدمات المباشرة، وأعمال التوعية الفكرية والصحية والثقافية، التي يكون هدفها المساعدة لمن يحتاج إليها، إن كانوا أفراداً أو جماعات أو فئات لها طابع خاص تشترك به، كمبادرات مساعدة المعاقين أو المشردين أو مبادرات التنمية للأطفال في المواقع الجغرافية النائية، أو مد يد العون للمتضررين من مختلف الكوارث، أو أعمال تنظيف الشوارع والساحات والأماكن العامة والمدن، أو المجموعات الطبية المتخصصة، أو الكثير من المهام الأخرى التي تظهر الحاجة إلى وجودها، في حال افتقاد كوادر الدولة المطلوبة للقيام بمثل هذه الأعمال، أو قلّتها، هذه المجموعات الشبابية استطاعت في الكثير من المواقف والمبادرات، أن تمد يد العون المادي والنفسي، وأن تشعل شمعة الأمل والتفاؤل في نفوس أبناء المجتمع، بصفتها أيادي بيضاء تمتد للإغاثة والنجدة بأي شكل وفي الوقت المناسب، تلك الإغاثة التي ينتظرها المحتاجون والملهوفون المتعلقون بقشة، في فوضى أمواج الغضب المتكاثرة كالسرطان في العديد من بلدان التخلف والجهل، وبلدان الكوارث الطبيعية والصراعات السياسية الحمقاء.

العدد 1140 - 22/01/2025