الفالنتاين والسوريون في ظل الحرب الدائرة

 (القديس فالنتاين) هو قديس روماني من القرن الثالث الميلادي، مشهور بعيد الفالنتين أو عيد الحب أو العشاق الذي يحتفل باسمه في 14 شباط من كل سنة، وهو طقس يُحتفل به منذ العصور الوسطى.

ليس هناك حكاية حقيقية ثابتة عن هذا القديس حتى الآن، فحكايته تختلف من منطقة إلى أخرى، لكن الحكاية الأقرب بأن الفالنتاين كاهن مسيحي، وكان يزوج العشاق  فيما بينهم حيث كان سر الزواج في المسيحية موجوداً في ذلك الوقت، ولأن المسيحية كانت ممنوعة في الإمبراطورية الرومانية، فقد كان يعاقب على من يمارس أحد أسرار الكنيسة، ولذلك اعتقلته السلطات الرومانية وحكمت عليه بالإعدام. فاشتهر منذ ذلك الوقت بأنه شهيد الحب والعشاق لأنه ضحى بحياته لأجل سر الزواج.

يحتفل العالم بعيد الحب كل عام إذ يعتبره الناس فرصة لإظهار مشاعرهم للآخرين بإهداء البطاقات والورود والشوكولاتة مع رسائل الحب. فهو ليس حكراً على العشاق فقط بل إنه يشمل المحبة بين الأخوة أو للأهل أو…أما في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد فيمرّ عيد الحب عند السوريين على وقع الصواريخ، وغلاء الأسعار، الأمر الذي جعل عيد الحب بلون الدم الذي لم يتوقف بعد في سورية، فيما يستمر القتال والتدمير في كل المناطق السورية.

التباين في وجهات النظر حول الاحتفال بعيد الحب لأسباب مختلفة، فهناك من قال إنه يحتفل تعبيراً عن تمسكه بالحياة رغم الأزمة، وهناك من رفض الفكرة تعبيراً عن شعوره بالحزن والأسى لما يمر به بلده. أما الباعة فمنهم من عرض هداياه ومنهم من رأى أن لا مبرر لعرضهم مثل هذه الهدايا في هذه الظروف حيث هناك من لا يجد ما يأكله فلا يوجد داعي للاحتفال وإشعار من هم بحاجة إلى أبسط متطلبات الحياة بالحسرة، ومن جهة أن إنسانيتهم لا تسمح لهم بالاحتفال وأولاد بلدهم منهم من استشهد ومنهم من فقد أو هجر ومنهم من لا يملك ما يقيت جوعه.

فمن العشاق من يقول إن هذا العيد سيمر وأنا أذرف دموع الحزن على خطيبي الذي استشهد وهو يؤدي واجبه الوطني، فلقد اختار معشوقة غيري وهي سورية فهنيئاً له اختياره!….ومنهم من يقول إنه يجب أن لانقف حزناً مع كل مناسبة بسبب ما يحدث وكأنها هزيمة، بل يجب أن نكمل حياتنا التي لن تنفصل عن هموم وطننا.

أما بالنسبة لصاحب محل زهور فقال: مع بداية الشهر لم تعد تصلنا الورود والزهور كما في السابق، فقد دخلت سوق الاحتكار، وباتت الوردة بسعر 400 ليرة وترتفع طبعاً حسب النوع، وهذا طبعاً لسنا مسؤولين عنه، لأن هناك موردين وموزعين.

أما الغالبية فأصرت على التمسك بالاحتفال تعبيراً عن الصمود في وجه الأزمة وعدم الاستسلام لها ثقة منهم بأنها سحابة صيف وستمضي. وبين رافض للاحتفال تعبيراً عن الحزن على دماء طاهرة وزكية تهدر في البلاد، وبين من يعتبره ابتذالاً وسخرية من الذي يجري في وطننا، إذ يبدو أن القديس فالنتاين كمن يمسك بكل قواه بعباءة الحب بغض النظر عن الجانب التجاري منها، مما شكل تذكرة للناس بأهمية الحب وتبادله فيما بينهم كشرط لبقائهم وعيشهم معاً بأمن وأمان واحترام متبادل، فلا الفلنتاين بكل قداسته، ولا غيره من بشر عاديين يقبلون بأن يحل الأحمر رمز الموت مكان الأحمر رمز المحبة في سورية. فسورية منذ الأزل معروفة بأنها أرض المحبة و السلام.

العدد 1140 - 22/01/2025