السوريات ومرارة الاستغلال في ظل الحرب
للحرب قوانينها… هكذا تعلمنا أو هكذا حاولوا أن يلقنونا لتبرير كل ما يمكن أن تلوثه أياديهم السوداء. لكن تداعيات الحرب السورية على النازحين، وتحديداً النازحات أبشع من أن تتحول إلى قوانين أقله في غياب رقابة الدولة، وعجز المنظمات والجمعيات الدولية عن حماية النازحات، واستحالة حماية أنفسهن من السوق (المفتوحة) أمامهن لبيع أجسادهن مقابل بقائهن على قيد الحياة أو ضمان حياتهن وحياة عائلاتهن.
فسموها ما شئتم: معاناة، ذل، هروب من الموت إلى واقع أكثر مرارة، فهي ظاهرة اجتماعية بدأت تتفشى بشكل فاضح.
أقبح الجرائم، هي ما تعرضت لها الفتيات والنساء السوريات خلال السنوات الخمس الماضية، والمئات منهن لا يزلن يقاسين آثارها على حياتهن. فيما لا تزال أخريات عرضة لمثل تلك الحوادث والجرائم في العديد من المناطق والمراكز والمخيمات، وفي ظل غياب تام للعدالة ولقانون يحاسب الجناة.
فقد تحدث تقرير للأمم المتحدة عن الوضع الإنساني وخاصة عن حالات الاغتصاب التي تعرضت وتتعرض لها النساء والفتيات السوريات داخل مخيمات اللاجئين وخارجها، وعن عدد الحالات، وبشاعة الأساليب وطرق المتاجرة بالسوريات كالرقيق…كما كشفت السلطات اللبنانية تفاصيل جديدة في قضية (أخطر شبكة للاتجار بالأشخاص في لبنان) بعد أن هزت القضية الرأي العام، لاسيما مع الإعلان عن تحرير 75 فتاة تعرضن للاستعباد والاغتصاب والإجهاض القسري والجسدي والتشويه بهدف إجبارهن على ممارسة الدعارة.
في حين رفعت الكثير من المنظمات الإنسانية المحلية في كل الدول العربية المجاورة دعوات قضائية ضد أشخاص وعصابات تتاجر بالسوريات بهدف زواج المقايضة أو الدعارة، ولم ترد أي من تلك الحكومات على مثل هذه القضايا ما عدا القضاء اللبناني الذي كشف عن العديد من تلك العصابات.
كما أننا سمعنا عن حالات فردية لنساء وفتيات سوريات داخل سورية وخارجها رفضن الزواج والانصياع لمثل هؤلاء المجرمين. ومن تلك الحالات الفتاة السورية ذات الخمسة والعشرين عاماً التي فضّلت قتل نفسها على الزواج من أحد هؤلاء الذين يدعون (بالمجاهدين)، فقد أجبروا والدها على تزويجها وإلاّ قاموا بقتله وأخذ ابنته عنوةً.
فالسوريات على مر التاريخ عرفن بالقوة والسيطرة والعزة، فمن يعرفن بحفيدات (زنوبيا) التي تحدت إمبراطور روما والتي فضلت الموت على الأسر لن تهزهن وحوش العالم ولن يتخلين عن كرامتهن مهما تكالب عليهن ضعاف النفوس والحاقدين.