رياح الأمل تقتلع اليمنيين من أرضهم
يبدو أن نظام آل سعود، الذي صادر تاريخ شبه الجزيرة العربية وموقعها المعنوي في قلوب الكثيرين حول العالم لصالح أسرة سيطرت على مقدرات البلاد والعباد، قد ملّ من لعب دور الطفل المطيع الذي ينفذ أوامر أسياده في البيت الأبيض دون تردد أو اعتراض وقرر لعب دور الطفل الشقي الذي يتمرد على حاميه، وبدأ بالعمل على عرقلة مشاريعه في منطقة الشرق الأوسط.
هذا التمرد جاء بعد أن استشعر آل سعود أن توجهات السياسية الأمريكية في المنطقة بدأت تتجه في مسار جديد لا يراعي مصالحهم، خصوصاً بعد أن تم توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول (5+1)، وتخوف هذه الأسرة من أن الانفتاح الأمريكي على إيران وتنسيقها معها في ملفات كثيرة وخصوصاً في العراق قد يأتي على حسابها ويؤدي إلى انتفاء الحاجة إليها، في مخططات واشنطن ما قد يؤذن ببدء أفول شمسها من هضاب نجد.
غضب مشايخ هذه العائلة على السياسة الأمريكية الجديدة وخوفهم التقليدي من إيران ودورها في المنطقة جعلهم يسعون إلى دفع التوتر الطائفي من المنطقة إلى حده الأقصى مستغلين الخلافات المذهبية تارة، ولاعبين على الشعور القومي تارة أخرى. تجلى ذلك في الهجوم غير المبرر الذي شنه التحالف الذي أسسته الرياض على الشعب اليمني، والذي ظهرت صبغته المذهبية والطائفية من خلال الدول المشاركة فيه، تحت ذريعة مكافحة تمدد طهران إلى ما يعتبره آل سعود حديقتهم الخلفية.
خلال هذا الهجوم، ووسط تكبير وتهليل من النخب الثقافية والسياسية التي تعيش على أموال النفط الخليجي، قام طيران هذا التحالف بقتل أطفال اليمن ونسائه وشيوخه وتشريدهم، وقصف مدنه وتدمير بناه التحتية، وحرق حقوله ومزارعه. دون تحقيق أي هدف سياسي أو عسكري، فالهدف الذي من أجله شُنت هذه الحرب بقي دون تحقيق حتى الآن، فـ(الشرعية اليمنية) التي أراد آل سعود وضعها في صنعاء ما زالت خارج بلاد اليمن. ومن اعتبرتهم وسائل الإعلام الخليجية ومن يدور في فلكها من وسائل إعلام عربية طابوراً خامساً وعملت على نزع هويتهم العربية وتشويهها هم من يسيطرون على الأرض وسط تزايد التأييد الشعبي لهم، بسبب القصف العشوائي الذي تتعرض لها بلادهم.
ما حدث في اليمن هو ثورة قام بها المهمشون والفقراء ضد طغمة حاكمة صادرت ثروات البلاد والعباد وسخرتها لخدمة مصالحها الخاصة، وشاءت الأقدار أن يكون رأس الحربة في هذه الثورة فئة من المجتمع اليمني، هي من صلب نسيجه الاجتماعي، تعتبرتها العائلة الحاكمة في الرياض أحد الأذرع الضاربة لطهران في المنطقة. لأنهم رفعوا راية التحدي ضد رموز الفساد وحطموا قوة عائلة الأحمر ورجالها الذين كانوا الحراس الأمينين لمصالحها في صنعاء. لذلك كان هذا التدخل الوحشي والدموي في اليمن، لأن آل سعود يرفضون من الأساس فكرة أن يكون اليمن قوياً ومعافى في جنوبها، ولا تقبل نهوض أي بلد في المنطقة لديه من الإمكانات والطاقات البشرية القادرة على تشكيل خطر سياسي وديموغرافي واقتصادي عليهم.
عملية (عاصفة الحزم) التي حاولت الرياض بها تركيع الشعب اليمني فشلت في تحقيق أهدافها والتحالف الذي شكلته سرعان ما تداعى لرفض عواصم لها ثقلها المشاركة في سفك الدم اليمني ما انعكس على ردود فعل آل سعود الغاضبة تجاه هذه الدول. لذلك قررت هذه العائلة وبعض مشايخ الخليج البدء بعملية (إعادة الأمل) بهدف نزع البسمة وقتل الفرحة والقضاء على أي أمل لدى أطفال اليمن بغد مشرق ومستقبل زاهر لأن نتائجها، كما توقع كثير من الخبراء، ستكون تمهيد الأرضية وخلق البيئة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية كـ(داعش) و(القاعدة) التي ستنشر الموت والدمار في المنطقة برمتها.