شجون وآمال… ولكن!

عند مطلع كل فجر وخيوط الشمس الذهبية تنشر عبير أشعتها على وجه الأرض وتزيد الناس طاقة وحيوية، ترفع الأيدي عالياً بالدعاء أن لا تقرأ على الشريط الإخباري أي قرار جديد من قرارات الحكومة المتضمنة رفع الأسعار. فقد أجهدت الحكومة نفسها وهي تؤكد دعمها لمجموعة من المواد وتنظر بعين الامتنان إلى ما تقدمه للمجتمع من فضائل خزائنها دعماً للخبز الحاف الذي يعرّض الأكتاف.

لكن المفارقة الأولى هي عدم قدرتها على الإشراف على الأسواق.. فهي تصرح بمكافحة الفساد بشتى أنواعه، وخاصة عند التجار والسماسرة، لكنها لا تتخذ الإجراءات الصارمة، ومنها على سبيل المثال أن وزارة الإدارة المحلية أصدرت تعليمات بمكافحة البسطات، ورئيس مجلس مدينة السويداء يعلن في اجتماع رسمي أنه غير قادر على مكافحة تلك الظاهرة وإقامة أسواق شعبية.

أما المفارقة الثانية من مفارقاتنا فكانت اجتماع مجموعة من التجار وتقديم شكوى بحق أحد باعة المواد الغذائية من الخضار والفواكه (عند مساكن الخضر) في السويداء تحت ذريعة أنه يبيع بسعر أقل من سعر السوق.

المفارقة الثالثة أننا حين نعرض شكوى المواطنين، فإن التشاركية تفترض من الجهات المسؤولة إيجاد الحل وليس الغرض وضعها في حقل الاتهام، إذ بات الهدف على ما يبدو، ليس حماية المواطن، بل خدمة المتملقين، وكمثال حين عرضنا شكوى أهالي قرية (ذكير) لمؤسسة المياه بالسويداء، فكان ردها أن الصحفي نصب نفسه خبيراً كيميائياً على الرغم أننا دوّنا ما صرح به السيد المدير العام وبينّا إنجازات إدارته ولم نأت بجديد، ويبدو أن الغاية في المفارقة هي عدم ذكر الأخطاء ولو كانت واقعية، وإلا لماذا إلى تاريخه لم يجر إصلاح المحطة في القرية المذكورة…وهنا من ينصب نفسه وكيلاً ومعيناً…تلك المفارقة نتركها لمن أراد السمع وهو شهيد. ونحن نعيش اليوم أزمة معقدة لم يشهد لها التاريخ مثلاً،حينما يتم خطف الناس وتقطيع رؤوسهم والتنكيل بجثثهم، حتى بات العامل الذي يقوم بواجبه الوظيفي والذي لا يقل أهمية عن الجندي المدافع عن أرض وطنه، يخطف وهو على رأس عمله، ويعتبر بحكم المستقيل ويصدر بحقه قرار الفصل من عمله، فماذا نسمي ذلك؟

وهناك مفارقات لا تقبل الجدل، منها أن التيار الكهربائي ينقطع في حي ولا ينقطع في حي آخر.. لماذا؟ لأن الحي الذي لا ينقطع فيه التيار الكهربائي واقع تحت شفاعة من له الشفاعة. وانتشرت رائحة صفقة المرتديلا الفاسدة التي قوامها 7 آلاف عبوة دخلت السوق وسببت خسارة كبيرة لدائرة الخزن والتسويق تقدر بـ 4 ملايين ليرة سورية، ومن يحاسب عليها موظف لا علاقة له، بها رغم بيان تقارير مخبر التموين بسوء تصنيعها من الإدارة العامة، أليست مفارقة جديرة بالاهتمام؟! إننا نعيش مفارقات تدخل سجل الغرائب والعجائب، عندما يتم الترويج عبر الشائعات التي تبث هنا وهناك عن ارتفاع أسعار الخبز، والمياه، والكهرباء، والحبل على الجرار وإعطاء فرصة الفاسدين والمحتكرين فرصة العبث أكثر في قوت الناس، وبعد أيام قليلة يتم تنفيذ  تلك الشائعات على أرض الواقع…

أليست هذه مفارقات تصرخ مع أوجاع الناس؟!

العدد 1140 - 22/01/2025