خربشات عبثية

أَكُتبُ إِليكِ يا غَريبة وأنا بِقِمّةِ انفعَالاتي السايكُو-عَبَثّية… أشْتَاقُكِ بشدةٍ تدفَعُني أحياناً إلى الكُرهْ.. ذاكَ الكُرهِ المَمْزوجِ بالحُبِّ والشوقِ.. وبعض الألمْ… تدفعُني العَبثّيةُ يا غريبةْ إلى محاولةٍ خرقاءَ للانتحارِ في وادي اللا-خلود… أرميِ بمَبادئي ومشاعري… وأسمعُ صوتَ ارتطامها بنارِ الخيانة الملعونة هناكَ في أَسفلِ الوادي حيثُ تتربعينَ على عُروشٍ من رذائلِ العشقِ والحبِ وبعض الخيانةْ.

أَمشيْ أيتها الغريبةْ باتجاهِ قدرٍ عَبَثّي التَرتيبِ في نتائِجِهِ.. وأنا تائهٌ في الحنينِ البنفسجيْ… كُلّ الاتجاهات واحدة… ولا خريطة لقدرٍ ينتهي بكِ سوى اشتياق آخرَ منزوعَ الرغبةْ… يمرُّ على الأطلالِ في مَجَرّةٍ لا تحوي من السرمديةِ إلا الذكرىْ.

فِيْ كُلِ ذِكرى رَحيلٍ لِحُبكِ يا غريبةْ أَعدو مرحلةَ الذِكرى لمرحلةِ الندمْ… قَضَاءٌ وقَدَرٌ جَمَعنا… لِيُفرقنا مَنطقُ اللا-أشياءْ فيِ انتِقَاءاتِه لنهاياتِ قِصَصٍ شَكسبيريةٍ… غريبةٌ نهايتنا بغرابتك عني يا غريبةْ!

تُباغتُني الذكرياتُ في لحظةٍ من نشوةِ الحنينْ، وأنتِ يا غريبةْ بكل أطيافك المُرقطةْ تغتالينَ ذكرياتي… أرمي تعويذَة السحرِ والشعوذةْ… أرددُ جُملَ السِحر الأسود والأبيض والأحمر، أُنادي شياطين العالم وملائكته، أحرق الأخشاب وأكلل مضجعي بالثوم، قلائد ورموز وأشكال في معصمي، ولا أقدر على عبثية الحب في اختياره لي… فيا غريبة، دعيني وشأني بحقْ كل شرٍّ في العالم.

حَبيبتي العَبثّيةُ في غرابتكِ… كيفَ جَعلت اختيارَ الطريقِ سهلاً بسهولة مَحو الأميالِ؟! أخبرني الطريق أنهُ يريد بقدميكِ العودةَ… وأخبرتني قدماك بأن عقلك يريدُ العودة… وأخبرني عَقلُك بأنك لا تريدين العودة… فما تلكَ العَبثية كُلها في جسدٍ واحدٍ يأبى العودةَ ويعشَقُ الحنين؟! أيتُها الغريبةْ بحق… أنتِ تخرُجين مني بألمٍ وأنةٍ… فاخرُجي من خارطتي بسُرعةٍ وارحلي إلى جانب الشمس… حيث تصهر المشاعر في بوتقة الوحدة.. علك تشعرين بالحنين..يا غريبةَ المشاعرْ.

صباحُ الظُلمةِ يا غريبةْ… رحلتِ شمساً من حياتي.. وبَقيتْ شُموسُ الصباحاتِ تَشِّعّ من مدخلِ شُباكٍ اعتدتُ استراقَ النظرَ منهُ إلى صورتكِ في السماءِ كُلَ صباحٍ… أستيقظُ وأنا أبحث في ذكرياتي عن هامشٍ أأنفُ عليهِ من ذِكْرِ الأسماءْ إلى ترقيمِ السُطورْ، في محاولةٍ عَبِثّيةٍ لإضاعةِ المزيدِ من الوقتْ في انتظاركِ… ولن تأتي… لن تأتي ولا حتى في غفواتِ الطبيعةْ… فهي لها من المنطق ما يجعلُها تَرعُدُ وتمطرُ في أحلك ليالي الصيف الحارة… هكذا في منطق اللا-أشياء يَحصلُ الأغربْ لنا ولا يَحُصُلُ الأقرب إلينا… غَريبةٌ دُنيانا بِقَدرِ غَرابتكِ عَن وطني يا غريبةْ!

كيفَ وشحتِ جميعَ وجوهِ نساءِ العالمْ بوجهك يا غريبةْ؟! وكيفَ يُطلقُ اسمُكِ على شوارعِ العواصمِ في العالم.. أهربُ منكِ إلى جادةٍ باسمكِ.. شارعٍ باسمكِ.. وسماءٍ بلونِ عيونكِ.. أيتها الغريبةْ عن عواصمي… دعيني أضيعُ بين شوارع من خُصلِ شعركِ الذهبيْ… وأشعرَ بالدفءِ في ساحةٍ من ساحاتِ أحضانكِ… بين يدي أُنثى أُخرى تَجعلُ للحُبِ عنفواناً من لغةٍ.. حُروفها من إخلاصٍ وكلماتُها من عشقٍ وأفعالُها من تِيهٍ وجُنونْ.

العدد 1140 - 22/01/2025